والتدبير لا يقع إلا مع قصد إليه واختيار له، ولا يقع على غضب ولا إكراه ولا سكر ولا على جهة اليمين، وتكون القربة إلى الله تعالى هي المقصودة به دون سائر الأغراض، فعلى هذا تدبير الكافر غير جائز.
وهو على ضربين: ضرب يجوز الرجوع فيه، وهو إذا كان ذلك التدبير تطوعا وتبرعا فهو بمنزلة الوصية يجوز بيعه في دين وغير دين وإخراجه عن ملكه والتصرف فيه بسائر جميع التصرفات كما يجوز له الرجوع في وصيته.
والضرب الآخر لا يجوز بيعه، وهو أنه إذا كان تدبيره عن واجب، ومعنى ذلك أن يكون مثلا قد نذر إن برئ مريضه أو قدم غائبه أن يدبر عبده ففعل ذلك واجبا لا تبرعا، فهذا الضرب لا يجوز بيعه، فإذا كان التدبير عن وجوب فهو من رأس المال، وإن كان عن تطوع فهو من الثلث.
وكيفية ذلك أن يقول الانسان لمملوكه: أنت حر بعد وفاتي.
وقال شيخنا أبو جعفر في نهايته: التدبير هو أن يقول الرجل لمملوكه: أنت رق في حياتي حر بعد وفاتي.
قال محمد بن إدريس رحمه الله: لا حاجة بنا أن نقول: أنت رق في حياتي، لأنه لو لم يقل ذلك وقال: أنت حر بعد وفاتي، كان ذلك كافيا.
ومتى مات المدبر كان المدبر من الثلث إذا كان متبرعا بالتدبير على ما قدمناه، فإن نقص عن الثلث انعتق ولا له شئ ولا عليه شئ، وإن زاد عليه استسعى سواء كانت الزيادة ضعفي الثلث أو أقل أو أكثر.
وقال شيخنا في نهايته: ومتى أراد بيعه من غير أن ينقض تدبيره لم يجز له إلا أن يعلم المبتاع أنه يبيعه خدمته وأنه متى مات هو كان حرا لا سبيل له عليه، إلا أن شيخنا رجع في مسائل خلافه بأن قال في آخر المسألة الرابعة من كتاب التدبير قال: دليلنا إجماع الفرقة وأخبارهم، ثم قال:
فأما بيعه وهبته ووقفه فلا خلاف في ذلك أنه ينتقض بذلك التدبير، ثم قال رحمه الله مسألة:
إذا دبره ثم وهبه كان هبته رجوعا في التدبير، ثم قال مسألة: إذا دبره ثم أوصى به لرجل كان