- يمينا.
دليلنا إجماع الطائفة المحقة، وإن شئت أن تقول قد ثبت أن من حلف على أن يفعل فعلا هو معصية أنه يجب عليه أن لا يفعله ولا كفارة تلزمه، وكل من قال بسقوط الكفارة عمن ذكرناه قال: في من عاهد الله تعالى ثم نكث، أن الكفارة التي ذكرناها تلزمه، ولا أحد من الأمة يفرق بين المسألتين، فمن فرق بينهما خالف الاجماع.
مسألة:
ومما يظن أن الإمامية انفردت به، وللشافعي فيه قولان: أحدهما موافق للإمامية: إن من حلف بالله تعالى أن لا يدخل دارا أو لا يفعل شيئا ففعله مكرها أو ناسيا فلا كفارة عليه، وألزمه باقي الفقهاء الكفارة إلا على أحد قولي الشافعي الذي ذكرناه.
دليلنا على صحة ما ذكرناه وذهبنا إليه الاجماع المتكرر، وأيضا قوله تعالى، ليس عليكم جناح فيما أخطأتم به، فإذا قيل: الجناح هو الإثم، قلنا: قد يعبر به في القرآن والشريعة عن الإثم وعن كل فعل فيجب حمله على الأمرين ما لم تقم دلالة، وأيضا فإن النسيان والإكراه يرفعان التكليف العقلي فكيف لا يرفعان التكليف السمعي، وأيضا فإن الكفارة وضعت في الشريعة لإزالة الإثم المستحق، وقد سقط الإثم عن الناسي بلا خلاف ولا كفارة عليه.
وأيضا فإن الفعل المحلوف عليه يتعذر بالإكراه والنسيان كما يتعذر بفقد القدرة، فكما يرتفع التكليف مع فقد القدرة، فكذلك يرتفع مع الإكراه وفقد العلم، وكما أن من حلف على أن يفعل شيئا وفقد قدرته عليه لا يلزمه كفارة، فكذلك من حلف أنه يفعله فأكره على أن لا يفعله أو سلب علمه فيجب أيضا أن لا تلزمه الكفارة لارتفاع التمكن على الوجهين معا.
ويمكن أن يعارض المخالفون في هذه المسألة بما رووه وهو ظاهر في كتبهم ورواياتهم، عن ابن عباس رحمه الله عن النبي ص أنه قال: إن الله تعالى تجاوز لأمتي عن الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه، وليس لهم أن يحملوا الخبر على إثم الخطأ والنسيان دون حكمهما لأن الواجب حمله عليهما معا إلا أن تقوم دلالة، أ لا ترى أن رفع الخطأ والنسيان