نفسيهما لا يمكن أن يراد بالخبر، وإنما المراد ما يرجع إلى الخطأ والنسيان من حكم وإثم، وليس حملهما على أحدهما بأولى من الآخر فيجب حمله عليهما.
مسألة:
ومما يجوز أن يظن بالإمامية الانفراد به: إن من حلف أن لا يكلم زيدا حينا وقع على ستة أشهر، وقد وافق الإمامية أبو حنيفة في ذلك، والشافعي يذهب إلى أن الحين يقع على الأبد، وقال مالك: الحين سنة واحدة، والذي يجب تحقيقه أن هذا القائل إذا كان عني بالحين زمانا بعينه فهو على ما نواه، وإن أطلق القول عاريا من نية كان عليه ستة أشهر.
دليلنا على صحة مذهبنا الاجماع المتردد، وإذا كان اسم الحين يقع على أشياء مختلفة فيقع على الزمان كله في قوله تعالى: (فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون) وإنما أراد زمان الصباح والمساء كله، ورأيت بعض متقدمي شيوخ أصحاب أبي حنيفة يحمل هذه الآية على أن المراد بها ساعة واحدة فكأنه قال سبحانه ساعة تمسون وساعة تصبحون، وهذا غلط فاحش منه لا يخفى، ومما يقع عليه أيضا اسم الحين أربعون سنة قال الله تعالى: هل أتى على الانسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا، فذكر المفسرون أنه تعالى أراد أربعين سنة، ومما يقف عليه أيضا اسم الحين على وقت مبهم. قال الله تعالى: ومتعناهم إلى حين، ويقع على ستة أشهر، قال الله تعالى: تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها.
وروي عن ابن عباس أن المراد بذلك ستة أشهر، وقال غير ابن عباس سنة، ومع اشتراك اللفظ لا بد من دلالة في حمله على البعض، ولما نقلت الإمامية عن أئمتها عليهم السلام أنه ستة أشهر، وأجمعوا عليه كان ذلك حجة في حمله على ما ذكرناه، وأبو حنيفة مع اعترافه باحتمال اللفظ للمعاني المختلفة كيف حمله على ستة أشهر بغير دليل مرجح واللفظ يحتمل ذلك ويحتمل غيره؟ وكذلك مالك. وأما الشافعي فهو أعذر منهما، لأنه لما رأى الاشتراك حمله على التأبيد.