والذي يقتضيه أصولنا إن عتق المكاتب المشروط عليه في الكفارة جائز سواء أدى من مكاتبته شيئا أو لم يؤد لإجماعنا على أنه عبد ما بقي عليه شئ، فأما المكاتب المطلق فإنه إذا لم يتحرر منه شئ ولم يؤد شيئا من مال الكتابة فإنه يجزئ إعتاقه أيضا في الكفارة لأنه عبد لم يتحرر منه جزء، وأما إن أدى شيئا ولو قليلا فلا يجزئ إعتاقه في الكفارة لأنه قد تحرر منه جزء بقدر ما أدى بغير خلاف، فليلحظ ذلك ويحصل والله الموفق للصواب.
إذا مات وعليه حق لله مثل الزكوات والكفارات وحق الآدميين مثل الديون قيل فيه ثلاثة أقوال: أحدها حق الله المقدم والثاني حقوق الآدميين والثالث هما سواء، وهو الأقوى عندي لأن تقدم أحدهما على الآخر يحتاج إلى دليل.
وفرض العبد في الكفارات الصوم سواء كانت الكفارة مرتبة مثل كفارة الظهار أو مخيرة فيها، لأن العبد لا يملك وقد ذكرنا فيما مضى كفارة اليمين، فإن عجز عن الثلاثة الأجناس - وحد العجز أن لا يكون له ما يفضل عن قوته وقوت من يجب عليه نفقته ليومه وليلته - كان عليه صيام ثلاثة أيام متتابعات يستوي الحر والعبد في صيامهن، فإن لم يقدر على الصوم فليستغفر الله تعالى فهو كفارة له، فإن وجد بعد ذلك المال أو قدر على الصوم فلا يجب عليه فعل شئ من ذلك لأنه قد كفر بالاستغفار، فوجوب ذلك ثانيا يحتاج إلى دليل، وقد قدمناه أنه إذا لم يجد العدد ووجد بعضهم كرر عليهم حتى يستوفي العدد.
وقال شيخنا أبو جعفر في نهايته: ومتى لم يجد أحدا من المؤمنين أصلا ولا من أولادهم أطعم المستضعفين ممن خالفهم، وهذا غير مستقيم ولا واضح لأنه خبر واحد أورده إيرادا لا اعتقادا، لأن مستحق الكفارات مستحق الزكوات على ما قدمناه فلا يجوز إعطاؤهما لغيرهم على حال.
وقال شيخنا أبو جعفر في نهايته: وكفارة نقض النذور والعهود عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكينا مخير فيها أيها فعل فقد أجزأه، ومتى عجز عن ذلك كله كان عليه صيام ثمانية عشر يوما، فإن لم يقدر على ذلك أطعم عشرة مساكين أو قام بكسوتهم، فإن لم يقدر على ذلك تصدق بما استطاع، فإن لم يستطع شيئا أصلا استغفر الله تعالى ولا يعود، هذا آخر كلامه رحمه الله.