مراده رجع إليه.
فإذا أرادوا الحملة فليبدأ بذلك صاحب المقدمة، فإن كان ممن معه كفاية في دفع العدو وهزيمته فليثبت الناس في مراكزهم، وإن تضعضعت المقدمة وشقت الرماة وحملت المنجيد وافتقدت الأطراف والأودية والآكام لئلا يكون في شئ من ذلك كمين أو مكيدة، وتقرب الرايات وتقعقع الحجف ويقدم في صدر العدو أصحاب الحديد من التجافيف والدروع والسواعد والجواشن فإن انكسر العدو لم يحمل عليهم الجيش جملة واحدة بل يحملون أولا فأولا، فإن ثبت العدو فليثبت الناس وإن انهزموا الهزيمة التي لا تحصل فيها شك فليحمل الجيش عليهم جملة واحدة وهم على حال التعاني غير متفرقين، وينبغي إذا انصرفوا من الحرب أن ينصرفوا على حال التبعية أيضا ولا يتفرقوا.
فإن زحف العدو أولا إلى المسلمين فينبغي لأميرهم أن يصف الناس على الخندق ويأمرهم بالترجيل وملازمة الأرض ويحكموا صفوفهم إلى حد لا يكون فيها شئ من الخلل ولا يعتمدوا على شئ من آلات الحرب إلا على السيوف، فإذا حمل العدو عليهم جثوا على ركبهم ونظروا إلى مواضعهم ولا يهولن أحدا عدوهم ويستتروا بالحجف، فإذا أتموا حملتهم وعادوا حمل الناس عليهم بالسيوف، فإن ثبتوا فليثبتوا على حال التعاني، فإن لم يثبتوا أو استوت الهزيمة عليهم فليركبوا الخيل ويجد في طلبهم واستئصالهم.
فإن عرض للمسلمين - والعياذ بالله - هزيمة فيجب أن يصيح بعضهم ببعض ويذكروا ما به توعد الله تعالى ذكره من فر من الزحف وتعنف بعضهم بعضا وتبكيته ويسرع من كان مخفا في لحوق المنهزمين ويجتهدوا في ردهم، فإذا اجتمعوا واستقر كل قوم مع صاحبهم المستولى عليهم عادوا إلى حال التبعية ثم يقاتلوا ويستعينوا بالله سبحانه في النصر على عدوهم، ويقاتلونهم بكل ما أمكن قتالهم به من السلاح وغيره إلا السم.
فإن تحصنوا فصب عليهم المناجيق، والعرادات وما جرى مجرى ذلك، وقاتلوا إلى أن يفتح الله سبحانه، فإن كان فيهم مسلمون ونساء وصبيان وشيوخ وذمي وأسارى ومن لا يجوز قتله وكان المشركون أكثر منهم جاز رميهم مع الكراهة لذلك إلا لضرورة فإن كان هناك ضرورة جاز رميهم، وإن كان المسلمون أكثر من المشركين لم يجز رميهم، وإذا