إذا قام به من يكتفى به فيه من بعض المسلمين سقط فرضه عن الباقين، والذين يمكن حصول الكفاية بهم هم الذين يكونون في أطراف بلاد الاسلام فإنه إذا طرقهم العدو وكان فيهم كفاية لهم وقيام يكفيهم ودفعهم فالفرض ساقط عن غيرهم.
فإن لم يكن فيهم كفاية واحتاجوا إلى عدد كان الفرض لازما لمن يليهم وعليهم أن يمدوهم ويعينوهم أولا فأولا، فإن لم ينكفئ العدو بذلك فاحتيج إلى جميع المسلمين وجب ذلك على الجميع لوجوبه على كل رجل منهم حر بالغ كامل من العقل سليم من الشيخوخة والمرض - والعذر الذي لا يمكنه معه القيام بالحرب أن يكون له عذر يمنعه من ذلك - ويكون مأمورا به من قبل الإمام العادل أو من نصبه الإمام.
وإنما ذكرنا الرجل لأن النساء لا يجب عليهن الجهاد لما روي عن رسول الله ص من أنه سئل: هل عليهن جهاد؟ فقال: لا.
وإنما ذكرنا الحرية لأن العبيد لا يجب عليهم لأنهم لا يملكون شيئا، يوضح ذلك القرآن والخبر، فأما القرآن فقوله سبحانه: ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج، والمملوك داخل في ذلك لأنه لا يملك شيئا مما ذكرناه. وأما الخبر فما روي عن رسول الله ص من أنه كان إذا أسلم عنده رجل قال له: حر أو مملوك؟ فإن كان حرا بايعه على الاسلام والجهاد وإن كان مملوكا بايعه على الاسلام دون الجهاد.
وإنما ذكرنا البلوغ لأن الصبي لا يجب عليه لما روي من: أن ابن عمر عرض على النبي ص يوم أحد وهو ابن أربع عشرة سنة فرده ولم يره بالغا وأنه عرض عليه يوم الخندق وهو ابن خمس عشرة فأجاز في المقاتلة.
وإنما ذكرنا كمال العقل لأن المجانين لا يجب عليهم الجهاد لأنهم غير مكلفين.
وإنما ذكرنا الشيخوخة التي لا يمكن معها القيام بالحرب لأن المكلف بالشئ إنما يكون مكلفا به مع الاستطاعة له وقدرته عليه، فأما إذا لم يكن مستطيعا له ولا قادرا عليه لم يصح كونه مكلفا به.
وإنما ذكرنا المرض الذي لا يمكن المريض معه القيام بالحرب لمثل ما تقدم ولأن المرض إما أن يكون ثقيلا أو خفيفا، فإن كان ثقيلا كالحمى اللازمة المطبقة أو البرسام