وبذل الجهد واستفراغ الوسع، وغض الأبصار، والإمساك عن الكلام إلا بذكر الله والتكبير، وتوطين الأنفس على الصبر.
وإذا أراد الحملة فليأمر بعضا فليحملوا حملة رجل واحد ويبقى بعض معه فئة لهم يتجاوزوا إليها وليصدقوا الحملة ويجمعوا القلوب على الإقدام غير مكذبين ولا متناكسين فيقتلوهم مقبلين ومدبرين، فإن تضعضع لهم القوم فليزحف أمير الجيش بمن معه زحفا يبعث المقابلة وفرسان الطراد على الأخذ بكظم القوم حتى يفضوا صفوفهم ويزيلوها عن أماكنها، فإذا كان ذلك فليحمل بمن معه حملة واحدة ويحملون أمامهم فيوشك الفتح لا محالة.
وليوصهم بما كان أمير المؤمنين ع يوصي به أصحابه إذا صافوا العدو:
عباد الله اتقوا الله وغضوا الأبصار واخفضوا الأصوات وأقلوا الكلام ووطنوا أنفسكم على المنازلة والمجاولة والمبارزة والمنابذة والمعانقة والمكارمة وأنيبوا إلى ربكم، واذكروا الله لعلكم تفلحون، إن الله تعالى دلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم وتسعى بكم إلى الخير، الإيمان بالله والجهاد في سبيله وجعل ثوابه مغفرة الذنب ومساكن طيبة في جنات عدن، إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص، فسووا صفوفكم كالبنيان، وقدموا الدارع وأخروا الحاسر وعضوا على النواجد فإنه أنبى للسيوف والتووا على أطراف الرماح فإنه أمرأ للأسنة، وغضوا الأبصار فإنه أربط للجأش وأسكن للقلوب، وأميتوا الأصوات فإنه أطرد للفشل وأولى بالوقار، ولا تميلوا براياتكم ولا تجعلوها إلا مع شجعانكم، ولا تمثلوا بقتيل، وإذا وصلتم إلى رحال القوم فلا تهتكوا سترا ولا تكشفوا عورة ولا تدخلوا دارا ولا تأخذوا شيئا من أموالهم إلا ما وجدتم في عسكرهم ولا تهيجوا امرأة بأذى وإن شتمن أعراضكم وسببن أمراءكم وصلحاءكم فإنهن ضعاف القوي والأنفس والعقول، رحم الله امرءا واسى أخاه بنفسه ولم يكل قرنه إلى أخيه فيجتمع عليه قرنه وقرن أخيه فيكتسب بذلك اللائمة ويأتي بدناءة وكيف لا يكون كذلك وقد فرض الله عليه