أقاموا على الآباء وكانوا كتابيين - وهم اليهود والنصارى والمجوس - عرض عليهم الجزية والدخول تحت الذمة.
فإن أجابوا ضرب الجزية على رؤوسهم وأقرهم في دارهم وجعل على أراضيهم قسطا يؤدونه مع جزية رؤوسهم وإن امتنعوا قاتلهم حتى يؤمنوا أو يعطوا الجزية.
وجزية الرؤوس مختصة بأحرار رجالهم العقلاء البالغين السليمين دون النساء والعبيد والأطفال والمجانين وذوي العاهات من فقرائهم بحسب ما يراه مما ينهضهم ويجدون منه في كل سنة مرة في وقت معين، فمن أسلم قبل حلول الأجل سقطت عنه الجزية.
ويشترط عليهم: أن لا يجاهروا المسلمين بكفرهم، ولا يتناولوا المحرمات عندهم، ولا يسبوا مسلما ولا يصغروا به، ولا يعينوا على أهل الاسلام بنفس ومال ولا رأي، ولا يجددوا بيعة ولا كنيسة، ولا يعيدوا ما استهدم منها. فإنهم متى خالفوا شيئا من ذلك برئت ذمتهم وحلت دماؤهم وأموالهم ونساؤهم وذراريهم، فإن أجابوا ودخلوا تحت هذه الشروط فهم في ذمة الله تعالى ورسوله يجب نصرهم والمنع منهم ويلزم إحضارهم مجالس العلماء بالحجة ليسمعوا الدعوة وتثبت عليهم الحجة، وإن خرقوا الذمة بمخالفة أحد هذه الشروط فدماؤهم هدر وأموالهم وذراريهم فئ للمسلمين.
وإن كانوا مشركين وهم من عدا الكتابيين من الكفار وأبوا الإجابة قاتلهم حتى يؤمنوا، ويلزم قتل الجميع مقبلين ومدبرين ويجهز على جرحاهم، وأموالهم وذراريهم وأهليهم فئ للمسلمين.
وإن كانوا مرتدين بخلع ربقة الاسلام من أعناقهم أو جحد فرض أو استحلال محرم معلومين من دين النبي ص كصلات الخمس والزكاة والخمر والميتة وكانوا ممن ولدوا على الفطرة قتلوا من غير استتابة.
وإن كانوا ممن ولد على كفر ثم أسلم عرضت عليه التوبة والرجوع إلى الحق ونبه على خطائه بالحجة الواضحة، فإن أناب إلى الحق فلا سبيل عليه، وإن أبي إلا الإقامة على ردته قتل، وإن كان ممن استتيب مرة قتل من غير استتابة ثانية، ولا سبيل على أموالهم - الخارجة عن محل الحرب - ولا ذراريهم على حال ولا نسائهم المقيمات على الاسلام.