فقلت: يا رسول الله أ لم تسمع ما قالوا؟ قال النبي ص: قد قلت وعليكم، قال المخالف لنا: ولو كان هذا الدعاء من المسلم لصار مرتدا فيقتل فلم يقتله النبي ص بذلك.
ومما يستدلون به أيضا ما رواه شعبة عن هشام بن زيد عن أنس بن مالك: أن امرأة يهودية أتت النبي ص بشاة مسمومة فأكل منها فجئ بها فقيل: أ لا تقتلها؟ قال: فقال: لا، قال المحتج: ولا خلاف بين المسلمين أن من فعل مثل ذلك بالنبي وهو ممن ينتحل الاسلام أنه مرتد يقتل.
فالجواب عنه: أن هذه أخبار آحاد لا توجب علما ولا عملا ولا يعترض بها على مدلول الأدلة وهي معارضة بأخبار كثيرة تقتضي قتل من هذه صفته مثل ما رووه عن أبي يوسف عن حصين بن عبد الرحمن عن رجل عن ابن عمر أن رجلا قال: إني سمعت راهبا سب النبي ص، فقال: لو سمعته لقتلته إنا لم نعطهم العهد على هذا، ولم ينكر أحد على ابن عمر هذا القول فدل على وقوع الرضا به.
فأما إبدال السلام بالسام فليس بصريح في سب ولا شتم، ولو وقع من مسلم أو ذمي ما اقتضى القتل.
وأما الشاة المسمومة فيجوز أن يكون النبي ص اعتقد أن اليهودية ما علمت بأنها مسمومة فقد يجوز أن لا تكون بذلك عالمة، وقد يجوز أيضا لو كانت عالمة وقاصدة أن يكون ع رأى درأ القتل عنها مع استحقاقها لضرب من المصلحة فله ع مثل ذلك وإنما كلامنا في الاستحقاق للقتل، والمسلم واليهودي في هذا الباب سواء.