وأصله - أو يخاف على قوم منهم وجب حينئذ أيضا جهادهم ودفاعهم غير أنه يقصد المجاهد - والحال ما وصفناه - الدفاع عن نفسه وعن حوزة الاسلام وعن المؤمنين، ولا يقصد الجهاد مع السلطان الجائر ولا مجاهدتهم ليدخلهم في الاسلام، وهكذا حكم من كان في دار الحرب ودهمهم عدو، يخاف منه على نفسه جاز أن يجاهد مع الكفار دفعا عن نفسه وماله دون الجهاد الذي يجب في الشرع.
ومتى جاهدوا مع عدم الإمام وعدم من نصبه للجهاد فظفروا وغنموا كانت الغنيمة كلها للإمام خاصة ولا يستحقون هم منها شيئا أصلا.
والمرابطة فيها فضل كبير وثواب جزيل إذا كان هناك إمام عادل، وحدها ثلاثة أيام إلى أربعين يوما فإن زاد على ذلك كان جهادا وحكمه حكم المجاهدين، ومن نذر المرابطة في حال استتار الإمام وجب عليه الوفاء به غير أنه لا يجاهد العدو إلا على ما قلناه من الدفاع عن الاسلام والنفس، وإن نذر أن يصرف شيئا من ماله إلى المرابطين في حال ظهور الإمام وجب عليه الوفاء به وإن كان ذلك في حال استتاره لا يجب عليه الوفاء بالنذر.
على قول بعض أصحابنا بل قال: يصرفه في وجوه البر.
قال محمد بن إدريس مصنف هذا الكتاب: إن كان النذر غير صحيح فما يجب صرفه في وجوه البر وإن كان النذر صحيحا فيوجهه إلى الجهة المنذور فيها لا يجزئه غيره. ثم قال الذاهب الأول الذي حكينا كلامه: إلا أن يخاف من الشناعة لتركه الوفاء بالنذر فيصرفه إليهم تقية، والذي أعتمده وأعمل عليه صحة هذا النذر ووجوب الإتيان به لأنه إما مندوب إليه أو مباح والنذر في المباح يجب الوفاء به وكذلك المندوب إليه ولا مانع يمنع منه.
ومن آجر نفسه لينوب عن غيره في المرابطة فإن كان في حال انقباض يد الإمام العادل قال بعض أصحابنا: لا يلزمه الوفاء به ويرد عليه ما أخذه منه فإن لم يجده فعلى ورثته وإن لم يكن له ورثة لزمه الوفاء به، ذكر ذلك شيخنا أبو جعفر في نهايته.
والذي يقوى عندي وتقتضيه الأدلة لزوم الإجارة في الحالين معا غير أنه لا يجاهد العدو