المتجزي، وأما إذنهما لغيرهما للتصدي فيحتاج إلى دليل.
ولو فرض الاطلاق في " يعلم شيئا " فإن المشهور قد أعرضوا عنه وأفتوا بخلافه ولعله لقرينة موجودة عندهم مفقودة عندنا، فالقول بجواز جعل العامي قاضيا للتحكيم مشكل جدا 1).
١) وحاصل الكلام في هذه المسألة في مقامات:
الأول: في مشروعية التحكيم، والمشهور كما في المسالك والرياض والكفاية جوازه، بل لم يذكروا فيه خلافا، بل عن الخلاف والمجمع الاجماع عليه صريحا، واستدلوا عليه بعموم قوله تعالى: " ومن لم يحكم بما أنزل الله " وبعموم ما دل على وجوبالأمر بالمعروف، وبخصوص " من حكم بين اثنين فتراضيا به فلم يعدل فعليه لعنة الله تعالى " وهو خبر نبوي عامي. قال في مفتاح الكرامة: " واستدل عليه أيضا في الخلاف بأخبار الفرقة، ويشير إليه حسن أبي بصيريزيد بن إسحاق وغيره من الأخبار. فكأن من أنكر الدليل عليه من الأخبار لم يلحظ أخبار الكتب الثلاثة بكمال التأمل ولم يظفر بأخبار ا لخلاف ".
هذا وصريح عبارة المحقق والعلامة في أول القواعد كغيرهما نفوذ حكم قاضي التحكيم في كل الأحكام، قال في المسالك: لوجود المقتضي في الجميع وعموم الخبر، وعن العلامة أنه استشكل ثبوته في الحبس واستيفاء العقوبة.
الثاني: قد نص المحقق والعلامة والشهيد وغيرهم على أنه يشترط فيه ما يشترط في القاضي المنصوب، بل في المسالك - كغيره - وقوع الاتفاق عليه، وهو مختار سيدنا الأستاذ دام ظله خلافا لبعض أعلام العصر في مباني تكملة المنهاج.
وقد بحثوا بناء على الاشتراط عن تصوير قاضي التحكيم في حال الغيبة وعدمه، لأنه إن استجمعها كان مأذونا وإن فقدت فيه لم يجز له القضاء.
والثالث: هل يشترط رضا الخصمين بالحكم بعده؟ قال في الروضة: قولان أجودهما العدم عملا باطلاق النصوص. وقد نسب هذا القول إلى المشهور ونقل الخلاف عن العلامة في بعض كتبه وعلى المشهور يجوز الرجوع قبل تمام الحكم حتى لو أقام المدعي شاهديه فقال المدعى عليه للقاضي عزلتك لم يكن له أن يحكم.