وإن لم يأذن له الإمام بالحكم، سواء كان في زمن الحضور مع بسط اليد كزمن النبي وأمير المؤمنين عليهما الصلاة والسلام أو مع عدمه فلا ثمرة للبحث عن قاضي التحكيم في زمن الغيبة، لأنه إن لم يكن واجدا للشرائط فلا أثر لحكمه وإن كان واجدا لها فقد دلت المقبولة وغيرها على أن من كان كذلك كان مأذونا من قبل الإمام في الحكم.
وعن بعض المعاصرين تصوير المسألة بحيث يكون لها ثمرة في زمن الغيبة كذلك، لدلالة رواية الحلبي المتقدمة على أنه لا مانع من الترافع عند من تراضيا بالترافع عنده، وإنما منع الإمام عليه السلام من الترافع عند من يجبر الناس على الترافع عندهم بالسوط والسيف، فالرواية ظاهرة في أنه حيث لا جبر يصح الترافع وإن لم يكن واجدا للشرائط، فيكون حاصل البحث: إن الإمام عليه السلام يقول بأن تلك الشرائط إنما تعتبر فيما إذا كان هناك اجبار على قبول الحكم بعد اصداره - وإن الحاكم الحق أيضا قد يلتجأ إلى السيف والسوط لتنفيذ أحكامه - فمفاد قوله إذا لم يكن سيف وسوط أنه ينفذ حكمه وإن لم يكن مجتهدا ويكفي علمه بالحكم في الواقعة المتخاصم فيها.
وكذا معتبرة أبي خديجة فإنها ظاهرة في عدم لزوم الاجتهاد بل يكفي كونه عالما ببعض القضايا، والرضا بالحكم علة لجواز الرجوع إليه.
وقوله تعالى: " إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها