وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل " يشمل باطلاقه العامي غير المأذون بالحكم الذي تراضيا بالترافع عنده.
أقول: وفي هذا القول نظر، فإن الآية وأمثالها لم نتمسك باطلاقها لأجل نفوذ حكم غير المجتهد المطلق بل أخذنا بالقدر المتيقن منها وهو المجتهد المطلق، فكيف يكون لها اطلاق بالنسبة إلى العامي الذي تراضيا بالترافع عنده؟
وأما رواية أبي خديجة فليس المستظهر منها ما ذكر، بل تقدم أنها ظاهرة في أن من كان كذلك فتراضوا بالرجوع إليه لأنه مجعول حاكما من قبلي فإذا حكم فقد حكم بحكمنا، ومع التسليم بما ذكره فإن النسبة بين هذه الرواية والمقبولة العموم من وجه فيقع التعارض ويتساقطان ويرجع إلى الأصل المذكور في أول الكتاب.
ولكن الصحيح هو ما استظهرناه سابقا، وأنه يتقدم المنطوق على مفهوم تلك الرواية الأخرى لأن المنطوق يتقدم على المفهوم، ولأنه خاص أيضا، بل لقد احتملنا سابقا كون المقبولة بصدد بيان اعتبار المعرفة والنظر في الأحكام، والمعتبرة بصدد بيان العلم بالقضايا، فتكون إحداهما مؤكدة للأخرى. نعم لا يشترط الإحاطة بجميع الأحكام والقضايا بل يكفي كونه مجتهدا متجزيا 1).
فالحاصل إن كان المستفاد من المقبولة والمعتبرة هو اشتراط كونه مجتهدا كما تقدم فنقول بنفوذ حكم المجتهد المطلق والمجتهد