الثاني: أن يكون الحكم غيابيا بالنسبة إليهما ما (بأن يكون أحدهما في بلد والآخر في بلد آخر، فيرجع كل منهما إلى حاكم بلده - بعد عدم اجتماعهما في بلد واحد للمرافعة لجهة من الجهات - فيحكم كل واحد من الحاكمين حكما غيابيا على الخصم الآخر) فأي الحكمين النافذ؟
إن علم الأسبق منهما زمانا فهو المقدم، ومع عدمه فالقرعة هي الطريق لتعيين الحكم السابق النافذ، ومع العلم بوقوعهما في زمان واحد فمقتضى القاعدة سقوطهما، لأنهما كالسببين المتمانعين، وبعبارة أخرى: هما حكمان لموضوع واحد ودليل اعتبارهما واحد فحيث لا يمكن اجتماعهما يسقطان.
وقيل: إنهما كالخبرين المتعارضين فيحكم بالتخيير.
قلت: إنما يحكم بالتخيير بين الخبرين المتعارضين في صورة الامكان لا في كل خبرين متعارضين، وفيما نحن فيه لو كان مقتضى أحد الحكمين كون المال المتنازع فيه لزيد ومقتضى الآخر كونه لعمرو كيف يحكم بالتخيير؟
قال السيد " قده ": إن أدلة نفوذ حكم الحاكم منصرفة عن مورد التعارض بين الحكمين، فدليل اعتبار الحكم لا يشمله.
قلت: إذا كان كذلك ارتفع فرض التعارض في كل مورد، على أنه لو قيل بحجية حكم الحاكم في صورة عدم وجود حكم معارض كان لازمه جعل حال الحكم قيدا للموضوع وهو محال.