وعن بعضهم دليل آخر على حجية الاستفاضة وهو: إن الحجة لا تقام عند الحاكم وإلا لزم الدور، مثاله: إذا كان في البلد قاض وقد نصب الحاكم قاضيا آخر ولم يعتبر الشياع ولا البينة إلا بحكم وتوقف قبول البينة على ولاية الثاني على الحكم، فإن كان الحاكم بثبوت ولاية الثاني هو القاضي الأول فإن المفروض سبق عزله ثبوت ولاية القاضي الجديد بناءا على القول بسقوط ولايته بمجرد نصب الثاني فلا ينفذ حكمه، وكذلك الأمر بناءا على القول بانعزاله ببلوغه خبر نصب الثاني لأنه مع وصول الخبر ينعزل فلو أراد أن يحكم لم ينفذ حكمه بولاية الثاني. وإن كان الحاكم بثبوت الولاية هو القاضي الثاني نفسه فإن ثبوت ولايته يتوقف على حكمه وحكمه يتوقف على ثبوت ولايته، وهذا دور ظاهر.
أقول: هذا يتم فيما إذا لم يكن هناك قاض آخر غير الأول المعزول أو لم يكن في بلد آخر قاض يمكنهم الرجوع إليه لأجل الحكم.
وقال في المسالك: " وهذا يتم على القول بعدم جواز تعليق العزل على شرط وقد جوزه العلامة في القواعد ".
أقول: لكن فيه: إنه لا يوافق قواعد الأصحاب وقد حكموا ببطلان الوكالة المعلقة، أي: لا يصح تعليق الوكالة على شرط ولا بد من كونها منجزة، فإذا كان التعليق مبطلا لها مع كونها من العقود الإذنية فإن ابطاله للولاية التي ليست منها يكون بطريق أولى.