فلا يقربوا المسجد الحرام (1).
بناء على أن المراد بالمشرك مطلق من كفر بالله العظيم أو بأنبيائه أو بأوليائه أو بآياته بدليل قوله تعالى: يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما أنزلنا مصدقا لما معكم من قبل أن نطمس وجوها فنردها على أدبارها أو نلعنهم كما لعنا أصحاب السبت وكان أمر الله مفعولا إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء الآية (2) فإن ظاهر هذه الآية أن الله تعالى قد سمى عدم الايمان بما أنزله شركا لأن قوله إن الله لا يغفر الخ وقع في قبال يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما أنزلنا مصدقا لما معكم الخ وقوله تعالى أيضا في شأن اليهود والنصارى: وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله ذلك قولهم بأفواهم يضاهؤن قول الذين كفروا من قبل إلى أن قال: وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا لا إله هو سبحانه عما يشركون (3).
فسمى قولهم شركا إلى غير ذلك من الآيات الدالة على اطلاق الشرك على الكفر ويؤيد الآيات ما روي عن الفضل أنه دخل على أبي جعفر عليه السلام رجل محصور عظيم البطن فجلس معه على سريره فحياه ورحب به فلما قام قال: هذا من الخوارج قال: قلت مشرك فقال مشرك والله مشرك (4).
حيث دلت هذه الرواية على اطلاق المشرك على الخارجي وإن لم يكن مشركا بالمعنى الاصطلاحي.
وعلى فرض عدم اطلاق الشرك على مطلق الكفر يمكن تتميم دلالة الآية بالاجماع على نجاسة مطلق الكافر سوى الكتابي.
وأورد على دلالة الآية - مضافا إلى الايراد السابق من عدم شمولها لمطلق الكافر - باشكالين الأول عدم كون (نجس) بالفتح صفة قابلة للحمل على الذات فإنه مصدر لا صفة مشبهة كما لا يخفى فلا بد من تقدير شئ يصح معه الحمل على الذات مثل كلمة (ذو) فيصير