من هذه الأخبار وغيرها أن الاسلام عبارة عن الشهادتين مع التدين بواجباته ومحرماته فمن أنكر واجبا من واجباته أو استحل محرما من محرماته خرج عن الاسلام وصار كافرا وفي هذه الأخبار اطلاق يشمل العالم بالضروري والجاهل به بل يشمل كل منكر لحكم من أحكام الدين وإن لم يكن ضروريا بل وإن لم يكن اجماعيا.
ومن جملة ما استدل به على كفر مطلق من أنكر الضروري - وإن كان عن جهل - تسالم الأصحاب على كفر الخوارج والنواصب مطلقا أي من غير فرق بين العالم منهم والجاهل مع وضوح كون أكثرهم من الجاهلين بحق مولانا أمير المؤمنين عليه السلام وكذا حق أولاده عليهم السلام فعدم تفصيلهم بين العالم بحقهم والجاهل يستكشف منه عدم الفرق بين منكر الضروري عن علم وعمد أو عن جهل بحقهم عليهم السلام.
هذا ولكن يمكن أن يقال: إن الظاهر أن هذه الأخبار منزلة على صورة العلم بكون شئ ضروريا بقرينة التعبير في بعض هذه الأخبار بالانكار والجحد المختصان بصورة العلم فإن من المعلوم عدم استعمال الجحد في صورة انكار الشئ جاهلا وعلى فرض ظهور ذلك في الاطلاق فلا بد من حمله على صورة العلم لاستثناء مورد الشبهة في كلمات كثير من الأصحاب فالقدر المتيقن إذا من هذه الأخبار هو صورة العلم بكونه ضروريا.
وحمل شيخنا الأنصاري قده هذه الأخبار على صورة العلم والعمد وعلى صورة الجهل أيضا إذا كان الجهل عن تقصير وأما إذا كان عن قصور فلا يشمله اطلاق هذه الأخبار لدلالة بعض الأخبار على معذورية الجاهل مثل ما ورد في باب حد شارب الخمر من أن مولانا أمير المؤمنين عليه السلام رفع الحد عن شارب الخمر الذي اعتذر بأني لو أعلم أنها حرام اجتنبتها (1).
وما ورد عن محمد بن مسلم قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام رجل دعوناه إلى جملة الاسلام فأقر به ثم شرب الخمر ثم زنا وأكل الربا ولم يتبين له شئ من الحلال والحرام أقيم عليه الحد إذا جهله قال: لا إلا أن تقوم عليه بينة أنه قد كان أقر بتحريمها (2).
وما ورد عن أبي عبيدة الحذاء بسند حسن قال: قال أبو جعفر عليه السلام: لو وجدت رجلا كان من العجم أقر بجملة الاسلام لم يأته شئ من التفسير - زنا أو سرق أو شرب خمرا لم