الله، ولم يشرك في عبادته أحدا، وليس التقرب المعتبر في العبادة، أزيد من ذلك الحاصل قهرا، والمقصود جدا.
نعم، التقرب الحاصل من امتثال أمر الأب والزوج والعالم والرسول وغير ذلك، أيضا حاصل، ولكنه لا يضر بصحة العبادة، فلو أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أعرابيا بالعبادة لله تعالى، فعبد الله تعالى لأمره (صلى الله عليه وآله وسلم) فقد صحت صلاته، وأطاع الرسول، لأن إطاعته واجبة أيضا، كإطاعته تعالى.
بل المسألة كذلك في المأمورين بالمعروف، فإنهم ينبعثون نحو الصلاة لله، بأمر الأمر بالمعروف كما لا يخفى، وهذا غير الصلاة لإراءة الناس بأنه يعبد الله، ويكون كذا وكذا، فإنه من المحرمات، ومن المعاصي الكبيرة.
ولو شئنا رفع حجاب الشبهات عن كلماتهم - رضي الله عنهم - لطال الكلام، فلا ينبغي الخلط بين مسألة الانبعاث والعبادة والتقرب والخلوص وأحكامها، وبين مسألة الرياء وموضوعها وحكمها.
فبالجملة: الانبعاث عن أمر الله تعالى، ليس من الشرائط المعتبرة في الصحة قطعا، لأن الخلوص ولو كان شرطا، لا يقتضي أن يكون العبد متحركا بأمره في صحة عبادته، ضرورة أن ذلك غير الرياء، وأدلتها لا توجب شرطية مثله، وقد عرفت أن الأمر لا حاجة إليه في صحتها (1)، فضلا عن الامتثال والانبعاث.