فقال المأمون ليحيى: ما لي أراك متغيرا؟ فقال: هو غم يا أمير المؤمنين لما حدث في الإسلام، قال: وما حدث فيه؟ قال: النداء بتحليل الزنا، قال: الزنا؟ قال: نعم، المتعة زنا، قال: ومن أين قلت هذا؟ قال: من كتاب الله عز وجل، وحديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، قال الله تعالى * (قد أفلح المؤمنون) * إلى قوله: * (والذين هم لفروجهم حافظون * إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين * فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون) * (1) يا أمير المؤمنين زوجة المتعة ملك يمين؟
قال: لا، قال: فهي الزوجة التي عند الله ترث وتورث وتلحق الولد ولها شرائطها؟
قال: لا، قال: فقد صار متجاوز هذين من العادين (2).
أقول: هل عزب عن ابن أكثم - وقد كان ممن يكن العداء لآل البيت - أن المتعة داخلة في قوله سبحانه: * (إلا على أزواجهم) * وأن عدم الوراثة تخصيص في الحكم، وهو لا ينافي ثبوتها، وكم لها من نظير، فالكافرة لا ترث الزوج المسلم، وبالعكس، كما أن القاتلة لا ترث وهكذا العكس، وأما الولد فيلحق قطعا، ونفي اللحوق ناشئ إما من الجهل بحكمها أو التجاهل به.
وما أقبح كلامه حيث فسر المتعة بالزنا وقد أصفقت الأمة على تحليلها في عصر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم والخليفة الأول، أفحسب ابن أكثم أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم حلل الزنا ولو مدة قصيرة؟!
كبرت كلمة تخرج من أفواههم.
وهناك روايات مأثورة عن الخليفة نفسه، تعرب عن أن التحريم كان صميم رأيه، من دون استناد إلى آية أو رواية.
فقد أخرج مسلم في صحيحه: عن أبي نضرة قال: كان ابن عباس يأمر بالمتعة، وكان ابن الزبير ينهى عنها، فذكر ذلك لجابر، فقال: على يدي دار