قال القاضي: أفعال العباد لا يجوز أن توصف بأنها من الله تعالى ومن عنده ومن قبله.... (1) قال السيد الشريف الجرجاني (المتوفى 886 ه): إن المعتزلة استدلوا بوجوه كثيرة مرجعها إلى أمر واحد وهو أنه لولا استقلال العبد بالفعل على سبيل الاختيار لبطل التكليف وبطل التأديب الذي ورد به الشرع وارتفع المدح والذم إذ ليس للفعل استناد إلى العبد أصلا، ولم يبق للبعثة فائدة لأن العباد ليسوا موجدين أفعالهم، فمن أين لهم استحقاق الثواب والعقاب؟ (2) ثم إن نظريتهم في استقلال العبد في الفعل مبنية على مسألة فلسفية، وهو أن حاجة الممكن إلى العلة تنحصر في حدوثه، لا فيه وفي بقائه، وعلى ضوء ذلك قالوا باستقلال العبد في مقام الإيجاد.
والمبنى والبناء كلاهما باطلان. أما الافتقار حدوثا فقط فهو لا يجتمع مع كون الإمكان من لوازم الماهية وهي محفوظة حدوثا وبقاء، فكيف يجوز الغناء عن الفاعل بقاء؟
قال الحكيم الشيخ محمد حسين الأصفهاني:
والافتقار لازم الإمكان * من دون حاجة إلى البرهان لا فرق ما بين الحدوث والبقا * في لازم الذات ولن يفترقا هذا كله حول المبني، وأما البناء فالتخلص عن الجبر يكفي في استناد الفعل إلى الفاعل والخالق معا، لكن يكون قدرة المخلوق في طول قدرة الخالق، ومنشعبة عنها، وهذا يكفي في الاستناد وصحة الأمر والنهي والتأديب والتثويب، فالجبر