وقال جمال الدين القاسمي: وزاد الحق غموضا وخفاء، أمران: خوف العارفين - مع قلتهم - من علماء السوء وسلاطين الجور وشياطين الخلق مع جواز التقية عند ذلك بنص القرآن، وإجماع أهل الإسلام، وما زال الخوف مانعا من إظهار الحق، وما برح المحق عدوا لأكثر الخلق، وقد صح عن أبي هريرة (رض) أنه قال في ذلك العصر الأول: حفظت من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعاءين، أما أحدهما فبثثته في الناس وأما الآخر فلو بثثته لقطع هذا البلعوم (1).
وليعلم أن التقية إنما تتصور في القضايا الشخصية أي تقية شخص من شخص آخر في بيئته. وأما التقية العامة بأن تصور العقائد أو الأحكام في الكتب الفقهية بشكل يوافق عقائد الموافق وفقهه فهذا ليس بصحيح.
فالشيعة لم تتق ولن تتق في محاضراتها وكتبها ومنشوراتها قدر شعرة، فمن يتهم الشيعة بالتقية في كتمان عقائدها وتحرير فقهها، فقد خبط خبطة عشواء لما عرفت من أن التقية ترجع إلى القضايا الشخصية. وأين هم من الباطنية الذين يخفون كتبهم حتى عن معتنقيهم، والشيعة الإمامية لم تزل مجهرة بعقائدها بشتى الطرق وأساليبها.
أضف إلى ذلك أن الشيعة قامت لهم دول مختلفة في فترات كثيرة من التاريخ منذ ألف سنة فلماذا تتقي في تحرير عقائدها ونشر أفكارها وبث فقهها؟!