والتقية على خلافه فهي عبارة عن إظهار الكفر وإبطان الإيمان. وشتان ما بينهما.
إن التقية سلاح الضعيف في مقابل القوي الغاشم. سلاح من يبتلى بمن لا يحترم دمه وعرضه وماله، لا لشئ إلا لأنه لا يتفق معه في بعض المبادئ والأفكار.
إنما يمارس التقية من يعيش في بيئة صودرت فيها الحرية في القول والعمل والرأي والعقيدة فلا ينجو المخالف إلا بالصمت والسكوت مرغما أو بالتظاهر بما يوافق هوى السلطة وأفكارها وربما يتظاهر بموافقة السلطة لأجل أن ينجي مؤمنا كما كان عليه مؤمن آل فرعون.
فإذا كان هذا مفهوم التقية وعللها فهو مما يبرره ويمضيه الشرع في غير واحد من آياته.
قال سبحانه: * (من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان) * (1).
وقال سبحانه: * (لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شئ إلا أن تتقوا منهم تقاة) * (2).
وقد فسرت الآيتان بالتقية:
قال جمال الدين القاسمي: " استنبط الأئمة مشروعية التقية عند الخوف، وقد نقل الإجماع على جوازها عند ذلك الإمام مرتضى اليماني في كتابه إيثار الحق على الخلق " (3).
ومورد الآيات وإن كان هو التقية في مقابل الكافر ولكن العلماء فهموا المعنى العام حتى في مقابل المسلم الظالم.