فرض الدخول تأكيدا أو مبالغة، حيث لم يجد خارجا فاضطر إلى فرض الدخول ثم الاخراج، فهو كالسابق أبلغ في إفادة الحصر من المتصل الحقيقي، ومن الأخير ما قرر في علم البديع من تأكيد المدح بما يشبه الذم، كما يقال " فلان لا عيب فيه إلا أنه عالم ".
- قوله (قدس سره): (ففيه أولا: أن المرفوع فيه هي المؤاخذة... الخ) (1).
توضيحه: أن حديث الرفع بمقتضى مادة الرفع المتعلقة بأمر ثقيل على المكلف، وبمقتضى ملاكه وهو وروده مورد الامتنان لا يرفع إلا ما كان على المكره لا ما كان له، فإن الأول هو الثقيل عليه دون الثاني، كما أن رفعه مناسب للمنة دونه.
ودعوى: أن الفعل المكره عليه صار كالعدم، فيرتفع كل أثر مترتب عليه سواء كان له أو عليه.
مدفوعة: بأن الرفع تنزيلي لا حقيقي، والتنزيل بلحاظ الآثار، والأثر المناسب رفعه لمادة الرفع ولملاكه ما كان عليه لا ما كان له.
وعلى هذا نقول للعقد أثران، أحدهما إلزام المكره بعقده، ثانيهما وقوف عقده على رضاه، والأول هو ما كان عليه دون الثاني، فإنه له فلا يرتفع إلا الأول.
ويندفع: بأنا وإن سلمنا الكبرى إلا أنها لا تنطبق على المورد، فإن خروج مال المالك عن ملكه قهرا عليه وبدون رضاه، وإن كان ثقيلا عليه ويناسب رفعه للامتنان، إلا أنه أثر العقد في نفسه بمقتضى الاطلاقات، وأما وقوفه على رضاه الراجع إلى أن العقد سقط عن فعلية التأثير دون اقتضاء التأثير، فإذا لحقه الرضا ثم السبب فليس هو من آثار العقد قبل تقييده بعدم صدوره عن اكراه بحديث الرفع، حتى يبحث عن رفعه به سواء كان له أو عليه.
ومن الواضح أن العقد إذا كان بمقتضى الاطلاقات مؤثرا بنفسه، فمرتبة اقتضائه ومرتبة فعليته واحدة، وليس له مرتبتان حتى ترتفع أحدهما بحديث الرفع ويبقى الباقي، إذ لا يعقل تعدد المرتبة إلا بلحاظ إناطة المقتضي بشرط وجودي أو عدمي، فإنه معه فعلي ولا معه اقتضائي، وإنما التعدد في المرتبة حصل له بتقييده بحديث الرفع المثبت لشرطية الرضا الطبعي أو مانعية الاكراه، فلا أثر له مع قطع النظر عنه إلا الأثر الفعلي المرفوع،