المستأجر كخياطة الثوب، فإن من يقوم به العمل هو شخص الأجير، ومن الغريب حينئذ جعل الإجارة انتفاع المستأجر بثوبه المخيط فتأمل.
وأما الثاني: فهو اشكال غير مربوط بمسألة الاستيلاء الذي هو مناط الفرق هنا بين الحر والعبد، ومع ذلك فهو مدفوع:
أولا: بأن الإجارة تمليك المنفعة في قبال البيع الذي هو تمليك العين، وليس حقيقتهما متقومة بالمنفعة المملوكة أو العين المملوكة، ولذا يصح بيع الكلي الذمي مع أنه غير مملوك للبايع، بل بالبيع يكون مملوكا للمشتري على ذمة البايع.
وثانيا: أن انتفاع الغير غير مملوك للأجير حتى يملكه غيره، فالاشكال فيه - مع التحفظ على أن المنقول بالإجارة لا بد من أن يكون مملوكا - أقوى.
وثالثا: أن جعل الإجارة بمعنى ملك الانتفاع - أي التسليط على الانتفاع لا حقيقة الملك - لا موجب له، لامكان جعله بمعنى التسليط على المنفعة، بل هو أولى، لأن الحر وإن لم يملك عمل نفسه لكنه له السلطنة على عمله، فجعل الغير مسلطا على ما يتسلط عليه أولى من جعل الغير مسلطا على ما لا سلطنة له عليه وهو انتفاع الغير، مضافا إلى بعض الايرادات المتقدمة، ولعله (قدس سره) أشار بالأمر بالتأمل إلى بعض ما ذكرنا فتدبر جيدا.
رهن العبد المسلم عند الكافر - قوله (قدس سره): (وأما الارتهان عند الكافر ففي جوازه مطلقا... الخ) (1).
قد عرفت في الإجارة أن السبيل المنفي لا بد من أن ينطبق إما على حقيقة المعاملة أو على لازمها، وفي الرهن إما أن يكون حقيقة الارتهان سبيلا، وإما السلطنة على العبد المرهون من حيث استحقاق المرتهن لاستيفاء دينه منه، أو السلطنة على مالكه المسلم من حيث إلزامه بأداء الدين.
وأما الاستيلاء الخارجي على المرهون الذي هو تحت يده فنقول:
أما حقيقة الرهن: فهي كما - عرفت في بعض تنبيهات المعاطاة (2) - إما الحبس وإما جعل