وأشباه ذلك، فإن كان هناك واجب لا بد من إتيانه فيرجع الشك إلى اشتراط صحته ووقوعه امتثالا بإذن الفقيه، فالمسألة من باب الأقل والأكثر الارتباطيين والحكم فيه هي البراءة عقلا ونقلا، وإن لم يكن هناك واجب بل شك في جوز العمل وحرمته فالأصل هي الإباحة.
ومما ذكرنا تعرف ما في اطلاق المتن والحكم بأصالة عدم المشروعية، كما في اطلاق كلام شيخنا الأستاذ في تعليقته (1)، لحكمه بأصالة الجواز في غير المعاملات.
وأما المقام الثالث: وهو ما إذا شك في أصل اناطته بنظر الإمام (عليه السلام) - حتى يكون الفقيه نائبا عنه (عليه السلام) - أو غير منوط به حتى يتساوى الفقيه وغيره، فربما يقال بأصالة عدم اعتبار إذنه (عليه السلام) فيه، فإنه وإن لم يجر الأصل في زمان الحضور لانفتاح باب العلم والتمكن من إزالة الشبهة، إلا أنه لا مانع من إجرائه في زمان الغيبة ورفع إناطته بنظر الإمام (عليه السلام) لرفع إناطته بنظر نائبه العام.
وفيه أولا: أن أصالة عدم الاشتراط بإذن الإمام (عليه السلام) غير جارية، لما مر من الوجوه الثلاثة في كلي أصالة عدم الاشتراط مفصلا في مباحث الصيغة (2)، ومجملا (3) في أول البحث عن الولاية.
وثانيا: أنه ليس ترتب اعتبار إذن الفقيه على اعتبار إذن الإمام (عليه السلام) ولا عدمه على عدمه من باب ترتب الحكم على موضوعه، ولا من باب ترتب المشروط على شرطه، بل هما متلازمان بناء على عموم النيابة، والتعبد بأحد المتلازمين لا يوجب تعبدا بالآخر، وليسا هما من قبيل العنوانين المتضائفين، حتى يكون التعبد بأحدهما تعبدا بالآخر عرفا.
وعليه فالنتيجة الشك في إناطة التصرف بنظر الفقيه فعلا للشك في إناطته بنظر الإمام (عليه السلام)، ولا أصل إلا في الآثار المترتبة عليه، وقد عرفت حال الأصل آنفا، غاية الأمر أن دائرة الشك هنا أوسع، لأن الشك في الفرض السابق كان يرتفع بثبوت النيابة بدليلها، وهنا لا يرتفع بقيام الدليل على النيابة، لأن الشبهة مصداقية هنا فتدبر.