الوجه الخامس للرجوع هذا ولشيخنا العلامة الأستاذ - في تعليقته الأنيقة (1) على الكتاب - وجه آخر لرجوع السابق إلى اللاحق، بناء على مختاره من دخول العين في عهدة ذي اليد وعدم اشتغال ذمته ببدله بتقريب:
أن العهدة لها آثار عرفية، وهي ممضاة ما لم يردع عنها شرعا، والطريقة العرفية على الفرق بين دخول العين ابتداء في العهدة ودخول ما له عهدة سابقة في العهدة، فلا يجب على الأول إلا أداء بدل العين دون الثاني، فإنه يجب على ذي اليد بدل العين للمالك وبدل ما يؤديه السابق له على البدل، فمقتضى الأول الخروج عن عهدة العين، ومقتضى الثاني الخروج عن عهدة العين وعن عهدة عهدتها، لا من حيث اقتضاء " على اليد " ليرد عليه ما تقدم إيراده على المصنف (قدس سره) (2)، بل من حيث اقتضاء الطريقة العرفية المتبعة في باب التغريمات لذلك.
والجواب أولا: أنه مبني على تسليم الصغرى، وأن بناء العرف على التغريم كذلك، وهو غير معلوم.
وثانيا: أن حكم العرف بذلك ليس لمجرد سبق عهدة ولحوق عهدة فإنه جزاف، بل لأن عهدة العين التي لها عهدة سابقة راجعة إلى عهدة العين وعهدة عهدتها، كما مر نظيره من المصنف (قدس سره) حيث قال: (إن ضمان ما له بدل راجع إلى ضمان المبدل والبدل على البدل) (3) إلا أنه معقول في ما أفاده المصنف (رحمه الله) دون ما أفيد هنا، لأن اشتغال الذمة ببدل البدل كاشتغال الذمة بالبدل معقول في نفسه، إلا أن عهدة العهدة في نفسها غير معقولة، فإنها كملكية الملكية وكذمة الذمة، فإن ما يعقل دخوله في العهدة ما له تدارك، وهي العين، وأما نفس التدارك فلا تدارك له، فلا معنى لعهدة العهدة.