لا دخل لصحته بالإجازة بصحة عقد العبد بالإجازة.
- قوله (قدس سره): (مع أن تعليل الصحة بأنه لم يعص الله تعالى، وإنما عصى سيده (1)... الخ) (2).
فإنه كما هو دليل على الصحة بالإجازة، كذلك دليل على أن مورده عقد العبد بنفسه لنفسه، لا ما إذا عقد الغير له، إذ لا عقد منه على هذا الفرض ليكون معصية لله تعالى أو للسيد، لئلا ينفذ تارة بالإجازة وينفذ بها أخرى.
وتوضيح تقريب التعليل أنه يمكن تقريره بوجوده ثلاثة:
أحدها: ما عن المصنف (قدس سره) أن العامة كانوا يتوهمون أن معصية السيد كمعصية الله تعالى، فكما أن معصية الله تعالى لا يزول حكمها بالإجازة، كذلك معصية السيد لا تزول بالإجازة، فأجاب الإمام (عليه السلام) ببطلان القياس ببيان أن معصية الله إنما لا تزول لاستحالة تبدل كراهته بالرضا، فإذا وقع الشئ مكروها له تعالى فقد وقع على ما هو عليه، فلا ينقلب مرضيا به.
بخلاف كراهة السيد فإنها قابلة للتبدل بالرضا، فإذا تبدلت الكراهة بالرضا، فقد صار العقد مرضيا به، فالإجازة مستحيلة منه تعالى دون السيد، لا أنها مؤثرة من السيد له وغير مؤثرة منه تعالى، حتى يقال لا فرق بين المعصيتين ولا بين الإجازتين، فيدل على أن كل عقد صدر من العبد ولم يكن معصية له تعالى، بل كان معصية للسيد فإذا أجازه جاز.
ثانيها: ما عن بعض أجلة المحشين (3) من أن معصية السيد كمعصية الله تعالى لا تزول بنفسها، فإنه انقلاب، بل مرجع الإجازة إلى العفو عن المعصية، وغرض الإمام (عليه السلام) من التعليل، أن الإجازة منه تعالى مفروض العدم لعدم موضوعها وهي معصية الله تعالى، ومن السيد مفروض الثبوت لوجود موضوعها وهو عصيان السيد.
وحاصله: أن عقد العبد ليس معصية له تعالى حتى يحتاج إلى إجازته تعالى، وإنما هو عصيان للسيد، فيحتاج إلى الإجازة وهي مفروض الثبوت، وبناء عليه يكون توهم العامة من حيث عدم الفرق بين الإجازتين لرفع أثر المعصيتين، وجوابه بالفرق بينهما من حيث الوجود والعدم، للفرق بين موضوعهما بذلك.