الذي لا مدخل لوصف الصحة فيه فلا أثر له، فلا يرتفع شئ بالاكراه عليه، وما له الأثر وهو الصحيح لا اكراه عليه، وإن كان هو أو مقابله مما لا بد منه، إلا أن اللابدية لا تحقق الاكراه، بل تحقق الاضطرار، وقد مر مرارا (1) أن الاضطرار إلى بيع شئ إذا انبعث عن الاكراه على شئ لا يرفع الأثر، كما إذا أكره على دفع مال لا بد له من بيع داره دفعا لذلك المال، فإن البيع صحيح فكذا هنا.
وبالجملة: اللابدية من إحدى الخصوصيتين لا يوجب سراية الاكراه إليهما على البدل.
والثاني: وهو الاكراه على البدل حاله حال الايجاب التخييري، فكما أن كل واحد من الفعلين واجب مشوب بجواز الترك إلى بدل آخر مثله، فكذا الاكراه على فعلين على البدل، فإن البدل والمبدل كلاهما مكره عليه على البدل، فكل منهما يقع في الخارج يتصف بكونه مكرها عليه، واختيار كل منهما اختيار البدل الاكراهي.
وعليه فإذا كان لكل منهما أثر ارتفع أثره بوقوعه في الخارج، وإذا كان الأثر لأحدهما ارتفع أثر ذي الأثر إذا صدر، ولا يوجب عدم الأثر للآخر أن لا يكون ما صدر مكرها عليه، فإن وجود الأثر وعدمه في كون كل منهما بدلا اكراهيا للآخر بلا أثر.
ومنه تعرف أنه إذا قال " بع هذا صحيحا أو ذاك فاسدا " فاختار الصحيح كان الواقع بيعا اكراهيا، كما أن الأمر كذلك إذا قال " بع دارك مني أو أد دينك " فباع داره كان بيعا اكراهيا، فإن لزوم أداء دينه وعدم وقوعه باطلا لعدم دخل الطيب الطبعي، وعدم منع الكراهة الطبعية في حصول الوفاء أمر، وعدم كونه مكرها عليه وغير ملائم لطبعه أمر آخر، والميزان وقوع الشئ مكرها عليه في رفع الأثر المتقوم بالطيب الطبعي وعدم الاكراه من الغير.
وأما عدم القول به في الاكراه على شرب الخمر أو شرب الماء، فلأن الملاك في المحرمات هو الاضطرار، ومع وجود البدل المباح لا اضطرار إلى الحرام.
والثالث: وهو الاكراه على أحدهما المردد، فهو اكراه على أمر غير معقول، لما مر مرارا (2) أن المردد بما هو لا ثبوت له ذاتا ووجودا ماهية وهوية، ولو فرض الاكراه عليه من