المعتبرتين بنحو الانقلاب، فإنه لا انقلاب حينئذ في نفس الاعتبارين، بل قول باجتماعهما في زمان واحد، ولا يقول به أحد حتى من يقول بمعقولية الانقلاب، وإن كان من انقلاب ملك الوارث كانقلاب ملك مورثة فهو مناف لقاعدة سلطنة الناس على أموالهم.
ويندفع: باختيار الشق الأول بناء على مبنى المصنف (قدس سره) في لزوم العقد من طرف الأصيل، لكنه لا على القول بوجوب الوفاء تكليفا، فإن الأصيل هو العاقد فهو المأمور به بالوفاء، والمفروض موته الموجب لانقطاع التكليف عنه، والوارث لا عقد له كي يجب عليه الوفاء.
بل بناء على أن الأمر بالوفاء إرشاد إلى لزوم العقد، وأنه لا ينفسخ بشئ وأنه على حاله من عدم انتقاضه وعدم انحلاله إلى أن يرد من عقد له الفضول، وحينئذ فكل ما كان مقتضيا لانحلال العقد لا ينفذ شرعا ولا يترتب عليه الأثر، فالتصرف لا ينفذ، لأن نفوذه ينافي الوفاء وصحة العقد بالإجازة، فكذا الانتقال بالإرث ينافي لزوم العقد وعدم انحلاله، فيكون دليل الوفاء بالعقد بالإضافة إلى قاعدة ما ترك الميت فهو لوارثه كحاله بالإضافة إلى أدلة نفوذ التصرفات عموما وخصوصا.
ومن البين أن دليل سلطنة الناس على أموالهم ودليل نفوذ البيع مثلا من المالك ليس دليلا على السلطنة على حل العقد، فإنه ليس من التصرف في المال، بخلاف دليل الوفاء بالعقد على المعنى المتقدم، فإنه دليل على عدم السلطنة على حل العقد مطلقا تكليفا ووضعا، ومقتضاه عدم تأثير كل ما يوجب انحلال العقد.
- قوله (قدس سره): (مع كون المبيع عبدا مسلما... الخ) (1).
سيجئ إن شاء الله تعالى أن مدرك الحكم قوله تعالى * (ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا) * (2) والنبوي (الإسلام يعلو ولا يعلى عليه) (3) ومفادهما مختلف بالدقة، فإن الملكية ليست سبيلا على المسلم للكافر، فإن مقتضى التعدي بحرف الاستعلاء فيما لا يتعدى بها بطبعه كون التعدي متضمنا للغلبة، والظفر والضرر مما يتعدى بها.