عقد الكبير مع الصغير - لوجوب الوفاء به، فإنه حكم تكليفي ووضعي في حق الكبير، غاية الأمر أن موضوع الحكمين متقوم بفعل الصغير.
وبما ذكرنا يندفع ما يتوهم من أن العقد إذا كان مؤثرا في الملكية، فلا معنى لتأثيره من طرف الكبير دون الصغير، فإن غرضه (قدس سره) مجرد موضوعية العقد لوجوب الوفاء على الكبير فعلا دون الصغير، لا تأثيره في الملكية حتى لا يعقل التفكيك.
- قوله (قدس سره): (فالعمدة في سلب عبارة الصبي هو الاجماع... الخ) (1).
قد عرفت أن القدر المتيقن - من معقد الاجماع ومورد النصوص - ما إذا استقل الصبي بالمعاملة ولو بتفويض الولي أمرها إليه.
ومع عدم شمول معقد الاجماع والنصوص لصورة اجراء الصيغة، لا حاجة إلى اثبات شمول أدلة الصحة لعبارة الصبي - حتى يقال إن الأمر بالوفاء لزوما لا يتوجه إلى الصبي - ليستفاد منه لزوم المعاملة بالمطابقة وصحتها بالالتزام، وأن * (أحل الله البيع) * (2) ظاهر في الحلية المقابلة للحرمة والصبي خارج عن المقسم، وكذا قوله تعالى * (لا تأكلوا أموالكم) * (3) ظاهر في الحرمة الغير المتوجه إلى الصبي.
ووجه عدم الحاجة، أن مباشر العقد - بما هو - لا عقد له ليكون عليه وجوب الوفاء، ولا بيع له حتى يحل أو يحرم، وكذا لا تجارة له، بل المستقل بتدبير شأن المعاملة - وهو الولي أو المالك - هو المخاطب بتلك التكاليف اللزومية، ويكفي في قابلية العقد ذاتا للإضافة إلى الكبير كونه عقدا حقيقة، وعدم تنزيله منزلة العدم شرعا.
وكونه عقدا حقيقة لا ريب فيه، لتمكن غير البالغ من ايجاد العقد حقيقة، وعدم تنزيله منزلة العدم شرعا هو المفروض، لما عرفت أن النصوص ومعقد الاجماع في مقام ابطال ما يستقل به الصبي من أنحاء المعاملات، لا في مقام سلب عبارته، مع أنه من البين - عند المنصف المتأمل - أن نقصان عقل الصبي نوعا وسوء تدبيره غالبا له مساس باستقلاله في المعاملة، فلا يجوز تفويض أمرها إليه، ولا مساس له أصلا بلفظه وعبارته.