وما له مساس بمقام العقد الانشائي كونه لفظا وعربيا وماضويا وأشباه ذلك، فإنها أمور لها دخل في استحكام المعاهدة واستيثاق المعاقدة دون نقص عقل المتلفظ، ولذا لا ريب في عدم سلب عبارة السفيه مع عدم رشده، وعدم كمال عقله هذا.
وأما إذا أردنا اثبات صحة عقد الصبي في صورة إذن الولي - إذا قلنا بعدم شمول المانع لصورة إذن الولي - فلا بد من أن يقال إن قوله تعالى * (أحل الله البيع) * ليس في مقام الترخيص التكليفي، حيث إنه لا شبهة في عدم حرمة نفس التسبيب القصدي العقدي.
كما أن ظاهره تعلق الحل بنفس البيع لا بالتصرفات الواردة على العوضين، فالمراد احلال البيع وجعله في محله واقراره في مقره، قبالا لابطاله وإزالته عما هو عليه عرفا، فلا موجب لتخصيصه بالبالغ، كما أن الأمر بالوفاء - على ما مر (1) في مباحث المعاطاة - لا يدل على لزوم العقد، إلا إذا كان بنحو الارشاد إلى اللزوم لا للتكليف اللزومي المولوي وهكذا، فدعوى شمول أدلة الصحة خصوصا إذا لم تكن بعنوان الأمر والنهي - لمعاملات غير البالغ ليست ببعيدة كما توهم.
- قوله (قدس سره): (بما ورد في الأخبار المستفيضة من أن عمد الصبي... الخ) (2).
توضيحه: أنه تارة للفعل العمدي حكم، وللخاطئ حكم آخر كما في باب الجنايات من ثبوت القصاص في العمد والدية في مال الجاني في شبه العمد، وثبوت الدية على العاقلة في الخطأ، وأخرى للفعل العمدي حكم، ولا حكم للخطأ كما في محظورات الاحرام ما عدا الصيد المترتب عليه الكفارة مطلقا، فغير الصيد مرتب على عمده الكفارة دون خطائه، ومقتضى تنزيل العمد منزلة الخطأ في الشق الأول ترتيب حكم الخطأ على العمد المضاف إلى الصبي أو المجنون، ومقتضى تنزيل العمد منزلة الخطأ في الشق الثاني عدم ترتيب حكم العمد على هذا العمد الخاص، كما استدل به الشيخ (قدس سره) في المبسوط - لما عدا الصيد من محظورات الاحرام حيث قال (قدس سره): في ما يصدر من الصبي (وإن قلنا بأنه لا يتعلق به شئ لما روي عنهم (عليهم السلام) (إن عمد الصبي وخطأه سواء) (3) والخطأ في هذه