أدلة القائلين بالبطلان الدليل الأول: الكتاب - قوله (قدس سره): (لانقطاع الاستثناء كما هو ظاهر اللفظ... الخ) (1).
قد مر سابقا أن التحفظ على ظهور أداة الاستثناء في الاخراج يقتضي جعل المستثنى منه بحيث يعم المستثنى، والباطل ليس بنفسه مستثنى منه ليجب الحمل على الانقطاع، ويكون قرينة صارفة عن ظهور أداة الاستثناء في الاخراج، بل عنوان للمستثنى منه تنبيها على علة الحكم كقولك " لا تضرب أحدا ظلما إلا من جنى عليك "، فإن الغرض أن كل ضرب ظلم إلا ممن جنى عليه فإنه منه ليس بظلم، وكذا الغرض هنا النهي عن التصرف في مال الغير بكل وجه، فإن كل وجه باطل إلا وجه التجارة عن تراض.
وأما توهم أن حمله على الاتصال خلاف الواقع، لعدم انحصار حلية الأكل في التجارة، فيمكن دفعه بأن الظاهر ليس تحريم التصرف في مال الغير، بل تحريم التصرفات الواقعة بين بعضهم مع بعض، فلذا قال تعالى * (ولا تأكلوا أموالكم بينكم) * (2) فمورده التصرفات المعاملية، ولو كالقمار المبني على نوع معاملة ومعاوضة.
ثم إن كفاية الحصر في بطلان تجارة الفضولي إنما هي بناء على قراءة رفع التجارة، فإن قوله تعالى * (عن تراض) * بمنزلة الخبر فلا حاجة إلى التقييد، بخلاف ما إذا قرئت بالنصب، فإن الحصر فقط لا يكفي، بل لا بد من كون * (عن تراض) * قيدا للخبر.
نعم القيدية فقط كافية إذا كانت الآية بصدد تحديد السبب المحلل والسبب المحرم، فلا حاجة إلى دعوى الحصر من قبل أداة الاستثناء، ولو كان قوله تعالى * (تكون) * تامة أمكن التقييد بناء على قراءة الرفع أيضا، لكنه خلاف الظاهر.