ومما ذكرنا تبين أن دخل إذن المولى في صحة عقد عبده ليس على حد دخل العربية والماضوية ونحوهما مما له دخل في مرحلة العقد الانشائي، فإن سلطان العبد على تلفظه واستعمال اللفظ في معناه كسلطانه على تحريك يده وحك جسده لا يعد قدرة على شئ، ليعمه (لا يقدر على شئ)، بل المراد من الشئ هو الأمر المهم الذي ينافي القدرة عليه قضية الرقية والمملوكية، كحقائق المعاملات أي التمليك بالحمل الشايع والتزويج بالحمل الشايع وغيرهما، فإنه لو نفذ منه هذه الأمور المهمة لكان له سلطان في قبال سلطان مولاه وقدرة بحيال قدرة سيده.
ولا منافاة بين كون القدرة وعدمها بلحاظ نفوذ السبب وعدمه، وبين كون القدرة على المسببات دون الأسباب، فإن السبب وإن كان مقدورا منه بذاته، لكنه حيث إنه غير نافذ بدون إذن المولى فهو غير قادر على المسبب بايجاد ذات السبب، فمتعلق القدرة هو المسبب دون السبب.
فالعقد اللفظي والحقيقي أعني القرار المعاملي مقدور منه، لكنه حيث إن إذن المولى شرط في نفوذه فهو غير قادر على مسببه، وأيضا ليس دخل إذن المولى على حد دخل إذن المالك وإجازته، من حيث عدم خروج ماله عن ملكه قهرا عليه، وعدم وجوب الوفاء بالعقد مع عدم الانتساب إليه، حتى يقتصر في عدم نفوذه على ما إذا تعلق العقد بمال مولاه أو بما في يده، لا بمال الغير الأجنبي عنهما معا، بل اعتبار إذن المولى لمجرد كونه عبدا لا يستقل بعمل، فكل عمل صدر منه ونفذ بدون إذن سيده كان منافيا لعدم قدرته عليه، واضمحلال سلطانه في جنب سلطان مولاه.
لا يقال: العقد على المال الذي أذن فيه مالكه يوجب انتساب العقد إلى من له الولاية عليه، فهو من حيث إنه عقد من له الولاية عليه نافذ، لا من حيث إنه عقد العبد الذي لا قدرة عليه.
لأنا نقول: قدرة العبد مضمحلة في جنب قدرة مولاه، لا في جنب قدرة كل أحد، فلا بد من التحفظ فيما ينفذ من أعماله على اندكاك سلطانه واضمحلاله في جنب قدرة من يجب اضمحلال قدرته في قدرته، وليس هو إلا المولى.
وأما انتسابه إلى من له الولاية على العقد فهو يصحح شرطا آخر يعتبر في تأثير العقد