ويشهد للثاني ما ذكره (رحمه الله) في المتن من الروايتين:
إحداهما: حسنة الكاهلي، حيث قال (عليه السلام): (إن كان في دخولكم عليهم منفعة لهم فلا بأس، وإن كان فيه ضرر فلا) (1) وحيث إن المنفعة والضرر متقابلان، وليس عدم الضرر منفعة ولا عدم المنفعة ضررا، فلا محالة تعارض (2) الشرطيتان إذا كان لهما اطلاق، لأن مقتضى مفهوم الشرطية الأولى أنه لا يجوز مع عدم المنفعة ولو لم يكن ضرر، ومقتضى مفهوم الشرطية الثانية أنه يجوز مع عدم الضرر وإن لم تكن منفعة.
وأما إذا قلنا بعدم الاطلاق، لورودهما مورد الغالب من الزيادة أو بقاء الضرر بلا تدارك، لندرة المساواة بين ما يتلف عن مال اليتيم بالأكل وما يؤدى بإزائه، فحينئذ لا معارضة، إلا أنه لا يكون دليلا للمسألة، لكون صورة خلوه عن المصلحة والمفسدة والنفع والضرر مسكوتا عنها.
والتحقيق: أن النفع وإن كان بمعنى الزيادة عرفا إلا أن الأصل الذي يعتبر الزيادة بالإضافة إليه مختلف، فتارة يكون المقام موقع تبديل مال بمال، فالمال هو الأصل، ولا بد في صدق النفع هنا من زيادة على رأس المال، ولا يصدق بمجرد التبديل بإزاء ما يوازيه ويعادله.
وأخرى لا يكون المقام موقع المبادلة المعاملية، بل الأصل الذي تلاحظ الزيادة بالنسبة إليه هو الدخول في بيت اليتيم والقعود على بساطه والأكل من طعامه، فما يتعقبه - من ما يصل إلى اليتيم - زيادة بالإضافة إلى ذلك الأصل، فالغرض حينئذ إن كان لدخولكم وقعودكم وأكلكم ما يصل إلى اليتيم - لا أنه لا يتعقبه شئ - فلا بأس، وإن لم يتعقبه شئ كان ضررا محضا فلا يجوز، كما أنه إذا لم يتعقبه ما يوازيه بل أقل منه كان بالإضافة إلى ما بقي ضررا، ولعله النكتة في ايراد الشرطيتين، لئلا يتوهم باطلاق الأولى ومجرد التعقب بشئ جوازه، بل بحيث لا يكون معه ضرر أصلا، وهذا هو الوجه في حكمه (قدس سره) بصدق النفع بمجرد وصول ما يوازي مال اليتم، فتدبره فإنه حقيق به.
ثانيتهما: رواية ابن المغيرة، فإن الظاهر من قوله (فأقول يا رب هذا بذا) (3) هو أن مجرد