إرادة التفضيل منه فهو فيما إذا لم يكن في غير البيع مثلا مصلحة، فإنه لا يصدق الأحسن حيث لا مبدء في غيره لتكون الزيادة صادقة في البيع، فلازمه عدم دخوله في المستثنى، مع أنه جائز، وكذا فيما إذا لم يكن الترك ذا مصلحة وإن كانت التصرفات جميعا ذات مصلحة، فإنه لا مجال للتفضيل بالإضافة إلى الترك أو الابقاء الملازم له، فضلا عما إذا كان الترك ذا مفسدة، مع أنه لا شبهة في الجواز، ولا بد حينئذ من التشبث بالأولوية، إذ مع جواز التصرف في فرض المصلحة في سائر التصرفات ففي فرض عدمها بالأولوية، فضلا عما إذا كان فيها أو في تركها مفسدة.
نعم يبقى المحذور فيما إذا كانت التصرفات جميعا حتى الابقاء ذوات مصالح متساوية، فإنه لا أحسن ولا أولوية، مع أنه لا شبهة في التخيير بينهما، فيجوز كل واحد من التصرفات التي منها الابقاء عقلا، لعدم المعين حتى للابقاء.
وحمل الأحسن على ما لا أحسن منه هو بنفسه خلاف الظاهر، وحينئذ لا بد من التشبث في دفع هذا المحذور أيضا بالمعنى الأول، وهو أن كل تصرف وجودي مطلوب تركه إلا إذا كان أحسن من غيره ومن تركه، فإذا كان تركه وفعله على حد سواء فهو داخل في المستثنى منه، والخارج خصوص ما إذا كان أحسن من تركه ومن غيره، لا أن الترك المطلوب ما كان مفضولا، فحينئذ نلتزم بحرمة التصرفات في قبال تركها.
بخلاف المعنى الرابع فإن الابقاء هو أيضا تصرف لا يجوز إلا إذا كان أحسن من غيره، ولا يمكن أن يلتزم بجوازه فقط، لأنه كسائر التصرفات من حيث كونه تصرفا وجوديا لا يجوز لغير المالك، كما لا يمكن الالتزام بحرمة جميع التصرفات حتى الابقاء، فإنه تكليف بما لا يطاق فتدبر جيدا.
وأما لزوم المصلحة أو كفاية عدم المفسدة: فيشهد للأول - بعد دعوى الاجماع من غير واحد - ظهور لفظ الأحسن في وجود المبدء لا محالة، وما لا مصلحة فيه لا حسن فيه كما لا قبح فيه مع عدم المفسدة، بل يمكن أن يقال: إن التصرف في مال الغير بدون إذنه ورضاه في نفسه ذا مفسدة، فلا بد من أحد أمرين: إما اعتبار الولاية على التصرف حتى يكون كتصرف المالك بلا مفسدة، أو مصلحة في التصرف حالا أو مآلا ليتدارك بها مفسدة التصرف بدون ملكية ولا ولاية، فمجرد خلوه عن المفسدة العائدة إلى اليتيم - مع وجود مفسدة أصل التصرف في مال الغير - غير كاف في جواز التصرف من غير الولي.