ومنها: أن القرب إلى مال اليتيم كما في المتن يحتمل أحد معان أربعة:
فتارة بلحاظ حقيقة القرب المكاني، وملزومه الاستيلاء ووضع اليد على المال، فيكون النهي عن القرب المكاني إلى المال نهيا عن ملزومه وهو وضع اليد عليه، فإنه أول ملزوم له، وأما ما يترتب عليه من التصرفات الأخر فهو ملزوم ملزوم القرب لا ملزوم نفسه، فيكون وضع اليد عليه بذاته حراما وبعنوان حفظه جائزا، ولا تعرض له لما بعد الوضع من التصرفات، وهذا هو المعنى الثاني مما في المتن.
وأخرى بلحاظ إضافته إلى المال بما هو مال، فإن ظاهره إرادة التصرفات المعاملية المتقومة بالمال، ولذا قلنا في أول التعليقة (1) أن إضافة المبادلة إلى المال في تعريف البيع ب " أنه مبادلة مال بمال " يخصصها بالمبادلة المعاملية لا المبادلة المكانية، وحينئذ لا يعم سائر التصرفات من وضع اليد عليه وأكله وشربه ونحوهما من التصرفات الغير المعاملية، وهذا هو المعنى الثالث مما في المتن.
وثالثة بلحاظ أن القرب مفهوم ثبوتي لا يراد منه إلا التصرفات الوجودية معاملية كانت أو غيرها، فلا يعم التروك التي هي أجنبية عن المفاهيم الثبوتية، وهذا هو المعنى الأول مما في المتن.
ورابعة جميع ما يتعلق بمال اليتيم من الأفعال والتروك، نظرا إلى عموم الملاك المستفاد من مذاق الشارع، ولذا جعله مرجوحا بالإضافة إلى سائر المعاني، بالنظر إلى المتفاهم من الآية عرفا، وهذا هو المعنى الرابع مما في المتن.
والتحقيق: أن القرب والبعد من المفاهيم العامة، ولا اختصاص لهما بالمكان والزمان ولا بالمحسوسات، بل يعمها والمعقولات، ولا بالأعيان بل يعمها والأفعال، وإن كان بالنظر البدوي العرفي يختص بأحد الأمور المزبورة، كالمكان والمحسوس والعين الخارجية، والاستعمالات الصحيحة الفصيحة من دون عناية شاهده على ذلك، وكفى بها في صحة إرادتها بلا قرينة، وإن كان بحسب الأصل وضعا مخصوصا ببعضها.
وعليه فجميع التصرفات ملزومة لنحو من القرب اللازم من الاشراف على الفعل، فوضع اليد لنحو منه، وأكله وشربه لنحو آخر منه وهكذا، والقرب بجميع أفراده منهي