* (حتى يبلغ أشده) * كما في سورتي الأنعام (1) والاسراء (2)، فهل الغاية حد للموضوع وقيد له، أو غاية له، أو غاية للحكم؟
فإن كانت قيدا للموضوع: فمعناه أن القرب إلى مال اليتيم الذي لم يبلغ أشده حرام إلا بالتي هي أحسن، فانتفاء الحكم ببلوغ الأشد بانتفاء موضوعه، وهو عقلي، كما إذا لم يكن هذا القيد في الكلام وعلم أن يتم اليتيم محدود به من الخارج، إلا أنه خلاف ظاهر كلمة " حتى " الدالة على الغاية عرفا.
وإن كانت غاية للموضوع: فلا بد من أن يكون المغيى أمرا قابلا للامتداد والاستمرار، وهو إما اليتم الذي هو أمر ممتد فيكون حاله حال القيد في عدم المفهوم، وإما القرب إلى أن يبلغ أشده فهو أيضا لا مفهوم له، إلا أن القرب إلى مال اليتيم ليس دائما قابلا للامتداد إن بيعت (3) وجب زوال الموضوع وانتقال مال اليتيم إلى غيره، فلا بد من أن يلاحظ طبيعي التصرف بالإضافة إلى طبيعي المال، فإنه محفوظ على التبادل، وبهذا الاعتبار له الامتداد والاستمرار.
وإن كانت غاية للحكم: كما هو الظاهر، فإن متعلقات القضية راجعة إلى النسبة الحكمية لا جزء الموضوع أو المحمول بذاتهما، فالمعنى أن القرب حرام إلى أن يبلغ أشده فيستمر حرمته إلى بلوغ الأشد، وحينئذ له مفهوم الغاية.
وحينئذ إن كان غاية لخصوص حرمة التصرف فمعناه انقطاع الحرمة بعد البلوغ، مع أنه حرام بدون إذنه، وكذا لو كان غاية للمستثنى منه والمستثنى معا، بخلاف ما إذا كان غاية للمستثنى فقط، فإن معناه جواز التصرف بوجه أحسن إلى أن يبلغ أشده، فينقطع الجواز، ويدور أمر التصرف مدار إذن صاحب المال، إلا أن يراد حرمة التصرف مطلقا ولو مع رضا اليتيم حتى يبلغ أشده، فإنه يجوز برضاه، وليس بحيث يحرم بقول مطلق، فالمنفي بالغاية هي الحرمة بقول مطلق، وعليه فلا بأس بجعله غاية للجملة بتمامها من حيث المستثنى والمستثنى منه.