الشرط لتصحيح البيع والشراء، فإذا جرت أصالة الصحة في فعل البايع وصح ايجابه تحقق الركن الصحيح من المعاملة، فلا مانع من لحوق ركنها الآخر به، إذ المفروض أن اعتبار البلوغ ليس إلا لتصحيح الايجاب، ولا يتوقف القبول إلا على ايجاب صحيح ولو بأصالة الصحة.
نعم إذا ترتب أثر آخر على البلوغ غير صحة الايجاب وصحة القبول المنوطة بصحة الايجاب، فلا يجديه أصالة الصحة، لأن المفروض عدم ارتباطه بالصحة.
مع أن في مسألة الشك في البلوغ إشكالا آخر يوجب افتراقه عما نحن فيه، وهو أن أصالة الصحة تقتضي أن المأتي به موافق للمكلف به، وإذا شك في بلوغه وفي أصل تعلق التكليف به لم يكن وجه للحكم بمطابقة المأتي به لما كلف به، نظير الشك في صحة العمل من جهة الوقت، فإنه ما لم يحرز الوقت لم يحرز التكليف بالصلاة، ليقال بأنها كانت على طبق المأمور به فتدبر.
ولعل أمره (قدس سره) بالتأمل إشارة إلى ما سلكه (رحمه الله) في أصوله من عدم الفرق بين البلوغ وغيره في صحة اجراء أصالة الصحة فيما إذا شك في صحة العقد من قبل الشك في البلوغ.
وعليه لا بد من إبداء الفارق بين ما نحن فيه ومسألة الشك في البلوغ، ولا فارق على ما سلكه (قدس سره) هنا - إلا أن بلوغ كل من البايع والمشتري شرط في صحة الايجاب من البايع والقبول من المشتري، لا أن بلوغ الموجب كما هو شرط في صحة الايجاب شرط في صحة القبول ابتداء، بل إنما لا يصح القبول لأجل عدم ايجاب صحيح.
بخلاف اصلاح مال اليتيم فإنه شرط في صحة الايجاب وفي صحة القبول ابتداء، لأن كلا من البايع والمشتري - بلحاظ تصرف كل منهما في مال اليتيم باعطاء الأول وأخذ الثاني - مكلف باصلاح مال اليتيم، وأصالة الصحة في الايجاب لا يصحح إلا الايجاب، ولم يقع بعد من المشتري فعل يشك في صحته حتى تجري فيه أصالة الصحة، ولذا لو وقعت المعاملة بين شخصين آخرين كان للثالث اجراء أصالة الصحة في فعلهما، والحكم بأن الثمن قد انتقل صحيحا إلى اليتيم.
والجواب: ما عرفت من أن الاشتراء وإن كان متضمنا لأخذ مال اليتيم، إلا أن الراجع إلى اليتيم بالبيع هو الثمن، فلا بد أن يكون قيامه مقام مال اليتيم صلاحا له، لا أن انتقال مال اليتيم إلى المشتري بأخذه صلاحا لليتيم فتدبر جيدا.