وأما حمل كلام المصنف (قدس سره) هنا وهناك على مجرد الاستجماع لكل منهما بالنسبة إلى حال الالتزام من الآخر، لا فيما بين الالتزامين، فهو وإن كان يساعده عنوان كلامه (رحمه الله) هناك، إلا أنه يبعده تعبيره هناك (1) " بكون معناه قائما في نفس المتكلم من أول العقد إلى أن يتم السبب "، وكذا تعبيره هنا بالبقاء إلى زمان الإجازة، إلا أن يكون الغرض بقائها حتى يكون القبول في حال يصح الايجاب من الموجب، فيعود إلى الأول من الوجهين.
لا يقال: إذا زال الالتزام بفقد إحدى الشرائط فلا يجدي اتصاف الموجب به حال القبول، ولو مع الالتزام النفساني، بل لا بد من إنشائه ليتحقق منهما المعاقدة، وإذا لم يزل بفقده، فالالتزام القابل للارتباط بالالتزام من الآخر موجود، فما الحاجة إلى استجماع الموجب للشرائط حال القبول.
لأنا نقول: لم يزل الالتزام إلا أن المانع ليس عدم ما يصلح للارتباط حتى يكتفى ببقاء الالتزام، بل المانع عدم صلاحية الموجب للمعاهدة والمعاقدة معه كما عرفت.
- قوله (قدس سره): (وأما شروط العوضين فالظاهر... الخ) (2).
قد عرفت (3) أن الشرائط مربوطة ابتداء بالسبب، حيث إنها مما له دخل في تأثيره أثره، وما كان كذلك فلا بد من تحققه حين تأثيره، وإلا لما كان شرطا لتأثيره، ومقتضاه الفرق بين النقل والكشف، فإن موقع التأثير على الأول حين الإجازة، وموقعه على الثاني حال صدور العقد، وقد صرح (قدس سره) سابقا (4) بعدم الفرق بين النقل والكشف، ونفى البعد عنه هنا.
وغاية ما يمكن أن يقال في توجيه كلامه (زيد في علو مقامه): أن الإجازة والرضا لم يتعلقا بالعقد اللفظي الغير القار، حتى يقال بأنه تعلق بما كان مالا أو طاهرا أو غير ذلك مما اعتبر في العوضين، فيؤثر تارة من حينه، وأخرى من حين الإجازة، بل يتعلق بالعقد المعنوي والقرار المعاملي القابل للبقاء، حتى تتعلق به الإجازة.
وهذا الأمر الباقي - وإن كان تعلق حدوثا بالجامع للشرائط - لكنه تعلق بقاء بالفاقد لها،