وتنعدم، وتحدث وتفنى، ويطرأ عليها التبدل والتغير، إلى غير ذلك من الحالات التي هي آيات الإمكان وسمات الافتقار.
وهذه الموجودات الإمكانية، الواقعة في أفق الحس إما موجودات بلا علة أو لها علة. وعلى الثاني فالعلة إما ممكنة أو واجبة. ثم العلة الممكنة إما أن تكون متحققة بمعاليلها (أي الموجودات الإمكانية)، أو بممكن آخر.
فعلى الأول - أي كونها موجودات بلا علة - يلزم نقض قانون العلية والمعلولية وأن كل ممكن يحتاج إلى مؤثر. ومثل هذا لو قلنا بأن علتها نفسها، مضافا إلى أن فيه مفسدة الدور.
وعلى الثاني - أي كونها متحققة بعلة ممكنة والعلة الممكنة متحققة بهذه الموجودات الإمكانية - يلزم الدور المحال.
وعلى الثالث - أي تحققها بممكن آخر وهذا الممكن الآخر متحقق بممكن آخر وهكذا - يلزم التسلسل الذي أبطلناه.
وعلى الرابع - أي كون العلة واجبة - يثبت المطلوب.
فاتضح أنه لا يصح تفسير النظام الكوني إلا بالقول بانتهاء الممكنات إلى الواجب لذاته القائم بنفسه، فهذه الصورة هي الصورة التي يصححها العقل ويعدها خالية عن الإشكال. وأما الصور الباقية فكلها تستلزم المحال، والمستلزم للمحال محال.
فالقول بكونها متحققة بلا علة أو كون علتها نفسها، يدفعه قانون العلية الذي هو معترف به عند الجميع، كما أن القول بكون بعضها متحققا ببعضها الآخر، وذاك البعض الآخر متحقق بالبعض الأول يستلزم الدور.
والقول بأن كل ممكن متحقق بممكن ثان والثاني بثالث وهكذا يستلزم التسلسل.