العلية فهي غير صادقة على الجزء الأخير. هذا واقع التسلسل وأما بيان بطلانه:
إن المعلولية كما هي وصف عام لكل جزء من أجزاء السلسلة، وصف لنفس السلسلة أيضا. وكما أن كل واحدة من الحلقات معلولة، فهكذا مجموعها الذي نعبر عنه بسلسلة المعاليل المترتبة، أيضا معلول. فعندئذ يطرح هذا السؤال نفسه: إذا كانت السلسلة الهائلة معلولة، فما هي العلة التي أخرجتها من كتم العدم إلى عالم الوجود، ومن الظلمة إلى عالم النور؟ مع أن حاجة المعلول إلى العلة أمر بديهي. وقانون العلية من القوانين الثابتة لا ينكره إلا الغبي أو المجادل في الأمور البديهية، هذا من جانب. ومن جانب آخر إن السلسلة لم تقف ولن تقف عند حد حتى يكون أول السلسلة علة غير معلول، بل هي تسير وتمتد بلا توقف عند نقطة خاصة. وعلى هذين الأمرين تتسم السلسلة بسمة المعلولية من دون أن يكون فيها شئ يتسم بسمة العلية فقط. وعندئذ يعود السؤال: ما هي العلة المحققة لهذه السلسلة المعلولة، المخرجة لها عن كتم العدم إلى حيز الوجود؟
ولك إجراء هذا البيان في كل واحدة من حلقات السلسلة، كما أجري في نفس السلسلة بعينها وتقول: إذا كان كل واحد من أجزاء السلسلة معلولا ومتسما بسمة المعلولية، فيطرح هذا السؤال نفسه: ما هي العلة التي أخرجت كل واحدة من هذه الأجزاء الهائلة الموصوفة بوصف المعلولية، من حيز العدم إلى عالم الوجود.
وإذا كانت المعلولية آية الفقر وعلامة الحاجة إلى العلة، فما تلك العلة التي نفضت غبار الفقر عن وجه هذه الحلقات وألبستها لباس الوجود والتحقق وصيرتها غنية بالغير؟.