ولو أضفنا إلى البيت الأول بيتا آخر، فإن احتمال تحرير هذين البيتين على يد صاحبنا الأعمى صدفة، سيصل إلى عدد يقرب من الصفر.
ويستحيل على المفكر أن يتقبل هذا الاحتمال الضئيل - الذي هو المناسب لتحقق المراد من بين تلك الاحتمالات والفرضيات الهائلة. وكل من يرى البيتين وقد حررا بالآلة الطابعة وبصورة صحيحة، يقطع بحكمة وعلم محررها. ولم تكن لتحدث عن طريق الصدفة العمياء.
هذا بالنسبة إلى قصيدة فكيف بالكون والحياة الناشئان من اجتماع ملايين الملايين من الشرائط والعوامل بنسب في غاية الإتقان والدقة، فهل يصح لعاقل أن يتفوه بأن هذه الشرائط للحياة تواجدت عند انفجار المادة الأولى وتحققت صدفة من بين هذه الاحتمالات الكثيرة. ويعد الاعتماد على هذا الاحتمال، رياضيا، اعتمادا على صفر، وفي ذلك يقول العلامة (كريسي موريسن):
" إن حجم الكرة الأرضية وبعدها عن الشمس، ودرجة الحرارة في الشمس، وأشعتها الباعثة للحياة، وسمك قشرة الأرض، وكمية الماء، ومقدار ثاني أو كسيد الكاربون، وحجم النيتروجين، وظهور الإنسان وبقاءه على قيد الحياة كل هذه الأمور تدل على خروج النظام من الفوضى (أي إنه نظام لا فوضى)، وعلى التصميم والقصد. كل تدل على أنه - طبقا للقوانين الحسابية الصارمة - ما كان يمكن حدوث كل ذلك مصادفة في وقت واحد على كوكب واحد مرة في بليون مرة. كان يمكن أن يحدث هكذا، ولكن لم يحدث هذا بالتأكيد " (1).
وتقرير هذا البرهان وهذه الصورة الرياضية، يدل على أن برهان النظم يتماشى مع جميع العصور، ويناسب جميع العقول والمستويات، ولا