روى المبرد في الكامل: " قال قائل لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه: أين كان ربنا قبل أن يخلق السماوات والأرض؟ فقال علي (عليه السلام): أين، سؤال عن مكان، وكان الله ولا مكان " (1).
وقال البغدادي: قال أمير المؤمنين علي رضي الله عنه: " إن الله تعالى خلق العرش إظهارا لقدرته، لا مكانا لذاته "، وقال أيضا: " قد كان ولا مكان وهو الآن على ما كان " (2).
وقد بلغ بعلي (عليه السلام) من الأمر أنه كان يراقب العوام والسوقة في محاضراتهم وما يصدر منهم فدخل يوما سوق اللحامين وقال: " يا معشر اللحامين، من نفخ منكم في اللحم فليس منا. فإذا هو برجل موليه ظهره، فقال: كلا والذي احتجب بالسبع. فضربه على ظهره ثم قال يا لحام، ومن الذي احتجب بالسبع؟ قال: رب العالمين يا أمير المؤمنين فقال:
أخطأت، ثكلتك أمك، إن الله ليس بينه وبين خلقه حجاب، لأنه معهم أينما كانوا. فقال الرجل ما كفارة ما قلت يا أمير المؤمنين؟ قال: أن تعلم أن الله معك حيث كنت. قال: أطعم المساكين؟ قال: لا إنما حلفت بغير ربك " (3).
وهذه المعية التي ذكرها علي (عليه السلام) قد وردت في آيات الذكر الحكيم، منها ما سبق ومنها قوله تعالى: * (يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم..) * (4).
وقال (عليه السلام): " ومن أشار إليه فقد حده، ومن حده فقد عده، ومن قال: فيم؟ " فقد ضمنه. ومن قال " علام؟ " فقد أخلى منه. كائن لا عن حدث، موجود لا عن عدم، مع كل شئ لا بمقارنة،