المراد إحاطة علمه، لا سعة وجوده. ولكنه تأويل باطل لا دليل عليه.
والعجب إن هؤلاء يفرون من التأويل في الصفات الخبرية، ويرمون المؤولة بالتعطيل مع أنهم ارتكبوا ما ألصقوه بغيرهم.
أضف إلى ذلك إنه سبحانه صرح بإحاطة علمه بكل شئ في نفس الآية، وقال: * (يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها) * فإذا لا وجه لتكرار هذا المعنى بعبارة مبهمة، وعلى ذلك لا مناص من حمل الآية على سعة وجوده وإحاطته بكل شيء لا إحاطة حلولية حتى يحل في الأجسام والإنسان، بل إحاطة قيومية عبر عنها في الآيات الأخر بقوله: * (الله لا إله إلا هو الحي القيوم) * (1). أي قائما بالذات، وسائر الأشياء قائمة به. فليست كل إحاطة ملازمة للحلول والاتحاد، ولا يمكن أن يكون ما تقوم الأشياء بذواتها به غائبا عنها غيبوبة الجسم عن الجسم.
2 - يقول سبحانه: * (ألم تر أن الله يعلم ما في السماوات وما في الأرض ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أينما كانوا ثم ينبؤهم بما عملوا يوم القيامة إن الله بكل شئ عليم) * (2).
والآية صريحة في سعة وجوده وأنه موجود في كل مكان ومع كل إنسان لكن لا بمعنى الحلول بل إحاطة قيومية قيام المعلول بالعلة، والمعنى الحرفي بالمعنى الاسمي، ومع ذلك فلا يصل الإنسان إلى كنه هذه الإحاطة وهذه القيومية. فالآية تفيد المعية العلمية والمعية الوجودية، فكلما فرض قوم يتناجون، فالله سبحانه هناك موجود سميع عليم.
وبعبارة أخرى إنه سبحانه وصف نفسه في الآية بالعلم بما في السماوات وما في الأرض، ثم أتى بقوله: * (ما يكون من نجوى ثلاثة) *،