إلا نفسه وذاته. وهذا لا يصح إلا أن يكون المراد من الوجه هو الذات لا العضو المخصوص.
وأما الآية الثانية، فلأنه وصف الوجه بقوله: * (ذو الجلال والإكرام) *، بمعنى ذو الطول والإنعام وما يقاربه. ومن المعلوم أنهما من صفات نفس الرب لا من صفات الوجه، أعني الجزء من الكل. ولو كان الوجه هنا، بمعنى العضو المخصوص لوجب أن يقول: " ذي الجلال والإكرام " حتى يقع وصفا للرب لا للوجه.
ويشهد على ذلك قوله سبحانه: * (تبارك اسم ربك ذي الجلال والإكرام) * (1). فلما كان الاسم غير المسمى وصف الرب بقوله " ذي الجلال "، ولم يصف الاسم به وإلا لقال " ذو الجلال ".
فإذا تبين إن الوجه في هذه الآيات بمعنى الذات، أفهل يجتمع قوله * (فثم وجه الله) * مع كونه جسما محددا في جهة خاصة وموجودا فوق العرش، متمكنا فيه أو جالسا عليه، وما أشبه ذلك مما يوجد في كلمات المجسمة ومن هو منهم، وإن كان يتبر من وصفه بالتجسيم.
4 - يقول سبحانه وتعالى: * (فاطر السماوات والأرض جعل لكم من أنفسكم أزواجا ومن الأنعام أزواجا يذرؤكم فيه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير) * (2).
إن الآية بصدد نفي التشبيه على الاطلاق، وليس من كلمة أجمع من قوله سبحانه * (ليس كمثله شئ) *. أوليس القول بكونه جسما ذا جهة ومحل، موجودا فوق العرش متمكنا فيه أو جالسا عليه، تشبيه للخالق بالمخلوق؟ صدق الله العلي العظيم إذ قال: * (وما قدروا الله حق قدره) * (3). فما هذا الصمم والعمى في الأسماع والأبصار والقلوب؟!.