المرئي الخارجي. ويتصل بهذه الشبكية أطراف أعصاب الرؤية، فيوجب انطباع الأشعة على الشبكية تحريك تلك الأعصاب وإرسال التموجات المناسبة للأشعة المنطبقة إلى الدماغ، فيحللها الدماغ ويفسرها ويتعقلها بالشكل والصورة التي نعرفها.
هذا هو واقع الإبصار والرؤية، فيجب أن يكون كل من النفي والإثبات على هذا المعنى الذي كشف عنه جهابذة العلم. وبذلك يعلم أن تفسير الإبصار ورؤيته سبحانه بالعلم به أو بإدراكه في القلب أو من طريق الشهود خروج عن البحث ونحن مركزون على إمكان رؤيته بهذه الأبصار التي يملكها كل إنسان، لأن هذا هو محط البحث بين العدلية والأشاعرة فنقول:
يدل على امتناع الرؤية وجوه:
1 - إن الرؤية إنما تصح لمن كان مقابلا أو في حكم المقابل، والمقابلة إنما تتحقق في الأشياء ذوات الجهة، والله تعالى منزه عنها فلا يكون مرئيا.
وبعبارة أخرى: إن المراد من الرؤية إما حقيقتها، أعني الادراك بحس البصر، وهو مستلزم لإثبات الجهة له تعالى بالضرورة، سواء قلنا بأن الإبصار يتحقق بانطباع صورة الشئ في العين أو بخروج الشعاع منها. وإما غير حقيقتها مما يعبر عنه بالإدراك العلمي والشهود القلبي وغير ذلك مما لا يعرف حقيقته إلا القائل به، فهو حينئذ خارج عن محط البحث ومجال النزاع (1).
2 - إن الرؤية إما أن تقع على الذات كلها أو على بعضها. فعلى الأول يلزم أن يكون المرئي محدودا متناهيا محصورا شاغلا لناحية من النواحي، وخلو النواحي الأخرى منه تعالى. وعلى الثاني يلزم أن يكون مركبا متحيزا ذا جهة إلى غير ذلك من التوالي الفاسدة، المرفوضة في حقه سبحانه.