وفي هذا الصدد يقول ويل ديوارانت المؤرخ المعاصر: " لولا الدين لتجلت الأخلاق وكأنها أشبه بالمبادلات الاقتصادية، ولصارت الغاية منها الفوز بالنجاح الدنيوي، بحيث لو كان النجاح والفوز مضادا للقيم لتمايل عنها، لكون الغاية في جانب اللاقيم، وإنما هي العقيدة الدينية التي تترك الاحساس بالمسؤولية في روح الإنسان " (1).
وأما في المجال الثالث، وهو ما يتعلق بتوطيده العلاقات الاجتماعية، فنذكر فيه ما ذكرنا في دعمه الأخلاق السامية. فإن العقيدة الدينية تساند الأصول الاجتماعية لأنها تصبح عند الإنسان المتدين تكاليف لازمة، ويكون الإنسان بنفسه مقودا إلى العمل والإجراء.
غير أن تلك الأصول بين غير المتدينين لا تراعى إلا بالقوى المادية القاهرة. وعندئذ لا تتمتع الأصول الاجتماعية بأي ضمان تنفيذي وهذا مشهود لمن لاحظ حياة الأمم المادية غير الملتزمة بمبدأ أو معاد.
وأما المجال الرابع، أعني إلغاءه الفوارق العنصرية والقومية المفروضة على عاتق المستضعفين بالقوة والسلطة والإغراء والجهل وتشويه الحقائق.
فنقول: إن الدين يعتبر البشر كلهم مخلوقين لمبدأ واحد، فالكل بالنسبة إليه حسب الذات والجوهر كأسنان المشط، ولا يري أي معنى للتمييز والتفريق وترفيع بعض وتخفيض بعض آخر، كما لا يرى معنى لوجود أناس أتخمهم الشبع وآخرين أهلكهم الجوع والحرمان.
فهذه هي المجالات الأربعة التي للدين فيها دور وتأثير واضح، أفيصح