التفاوت بينه وبين العلم بأن الواحد نصف الاثنين، لكن التالي باطل بالوجدان.
وأجاب عنه المحقق الطوسي بقوله: " ويجوز التفاوت في العلوم لتفاوت التصور " (1).
توضيحه: إنه قد تتفاوت العلوم الضرورية بسبب التفاوت في تصور أطرافها. وقد قرر في صناعة المنطق أن للبديهيات مراتب: فالأوليات أبده من المشاهدات بمراتب. والثانية أبده من التجريبيات والثالثة أبده من الحدسيات، والرابعة أبده من المتواترات، والخامسة أبده من الفطريات.
والضابط في ذلك أن ما لا يتوقف التصديق به على واسطة سوى تصور الطرفين فهو أبده من غيره، وذلك مثل الأوليات (2)، وهكذا.
فلو صح ما ذكره الأشاعرة من الملازمة، لزم أن لا تكون الحدسيات من اليقينيات.
وباختصار، إن العلوم اليقينية، مع كثرتها ليست على نمط واحد، بل لها مراتب مراتب ودرجات، وهذا شئ يلمسه الإنسان إذا مارس علومه ويقينياته وعلى ذلك فلا مانع من أن يقع الاختلاف في بعض العلوم الضرورية لدوافع خاصة، وهي في المقام تصور أن الحكم بالحسن والقبح تحديد لسلطته