من خلال هذه الرسالة، وإجمالها أن البداية من الله، وأن نهاية المطاف هي الله سبحانه * (إنا لله وإنا إليه راجعون) *، وإن الغاية هي التخلق بالقيم والمثل الأخلاقية والاتصاف بأسمائه وصفاته سبحانه. غير أن المادي يكل عند الإجابة عن هذه الأسئلة ولا يأتي بشئ مقنع.
وعلى هذا الأساس قلنا إن للدين دورا في تصحيح الأفكار والعقائد.
ومن خلال المقارنة بين الفكر الإلهي والمنهج المادي في الإجابة على الأسئلة الثلاثة يعلم الإنسان أن التكامل الفكري، إنما يتحقق في ظل الدين، لأنه يكشف آفاقا وسيعة أمام عقليته وتفكيره، في حين أن المادي يملأ الذهن بالجهل والإبهام، بل يقوده إلى الخرافات. إذ كيف يمكن للمادة أن تمنح نفسها نظما؟ وهل يمكن أن تتحد العلة والمعلول، والفاعل والمفعول، والجاعل والمجعول؟.
هذا ما يتعلق بدور الدين في مجال إصلاح الفكر والعقيدة.
وأما في المجال الثاني، وهو ما يتعلق بتنمية الدين للأصول السامية للأخلاق فنقول: إن العقائد الدينية تعد رصيدا للأصول الأخلاقية إذ التقيد بالقيم ورعايتها لا ينفك عن مصاعب وآلام يصعب على الإنسان تحملها إلا بعامل روحي يسهلها ويزيل صعوبتها له، وهذا كالتضحية في سبيل الحق والعدل ورعاية الأمانة ومساعدة المستضعفين. فهذه بعض الأصول الأخلاقية التي لا تنكر صحتها، غير أن تجسيدها في المجتمع يستتبع آلاما وصعوبات، كما يستتبع الحرمان من بعض اللذائذ، فما هو ضمان تحقق هذه الأصول؟.
إن الاعتقاد بالله سبحانه وإن في إجراء كل أصل من الأصول الأخلاقية أجرا كبيرا يصل إليه الإنسان في الحياة الأخروية، خير عامل لتحبيذ الإنسان وتشويقه على إجرائها والتلبس بها في حياته الدنيوية، ولولا ذاك الاعتقاد ولأصبحت الأخلاق نصائح وعظات جافة لا ضمان لإجرائها.