يكون الماء ضعف ما على المحل من النداوة تحقيقا للغلبة المعتبرة في مهية الغسل وكيف كان فمستند الأكثر هي الرواية المتقدمة ونوقش فيها بضعف السند لاشتماله على مروك بن عبيد وهو غير معروف الحال * (وفيه) * انه لا ينبغي الالتفات إلى قصور السند في مثل هذه الرواية المشهورة المعمول بها عند الأصحاب بحيث عبروا بمتنها في فتاويهم هذا مع أنه في محكى الخلاصة نقل عن الكشي انه حكى عن محمد بن مسعود أنه قال سئلت علي بن الحسن عن مروك بن عبيد بن سالم بن أبي حفصة فقال ثقة شيخ صدوق والمراد من البلل على ما يتبادر منه عرفا هي الاجزاء اللطيفة المائية المعبر عنها بالرطوبة عرفا لا نفس الرطوبة التي هي من مقولة الاعراض كما توهمه بعض وزعمه وجها لوجوب رفع اليد عن ظاهر الرواية بل المراد منه في خصوص المقام ما يعم القطرة المتخلفة على المخرج عقيب البول لا خصوص الاجزاء اللطيفة لا لمجرد تعذر اجزاء الماء على المحل بمثلي تلك الأجزاء المعلوم اعتباره في حصول التطهير وصدق مسمى الغسل بل لظهور البلل في مثل المقام في إرادة ما يتعارف بقائه على المحل في الغالب والحاصل انه لو القى مثل هذه العبارة على من لم يكن ذهنه مشوبا بالشبهات لا يتخيل منها الا إرادة المتكلم مثلي الباقي على الحشفة من البول وكيف كان فلا اشكال في مفادها من هذه الجهة الا انه يعارضها ظاهرا رواية أخرى لنشيط بن صالح عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله (ع) قال يجزى من البول ان تغسله بمثله الا انها ضعيفة سندا بالارسال ودلالة بعدم معلومية معارضتها للأولى الا على تقدير إرادة مثل البلل الكائن على المخرج ومن المعلوم عدم تحقق الغسل به لاشتراط غلبة المطهر واعتبار الجريان في مفهوم الغسل الممتنع حصوله في مثل الفرض ولذا ارتكب الشيخ [قده] البعيد في تأويلها بارجاع الضمير إلى البول الخارج هكذا قيل ولكن منع تحقق مسمى الغسل المعتبر شرعا لو أريد منه القطرة العالقة على المحل كما هو الظاهر لا يخلو عن تأمل إذ ليس المراد بالمثل ما يماثله حقيقة بل هو كناية عن كفاية أقل ما يمكن تحقق مسمى الغسل به في الخارج فأريد منه ما يماثله مسامحة وقوله (ع) تغسله قرينة على هذا التصرف لا ان عدم امكان الغسل بمثله الحقيقي سبب لطرح الرواية واظهر من هذه الرواية في إرادة مثل القطرة العالقة على المحل ما في الوسائل عن الكليني أنه قال وروى بأنه يجزى ان يغسل بمثله من الماء إذا كان على رأس الحشفة وغيره وعلى ما ذكرنا فلا تنافي بين رواية المثل والمثلين لان المثل المسامحي الذي يتحقق به مسمى الغسل لا يكون أقل من مثلي البلل عادة * (وربما) * يقال في توجيه الرواية حذرا من طرحها وجوه في غاية الضعف والسقوط أقواها احتمال وقوع الاشتباه في الكتابة وهذا الاحتمال وان كان قويا في حد ذاته ويعضده اتحاد راوي الروايتين والمروى عنه ولكنه خلاف الأصل لا يلتفت إليه على تقدير سلامة الرواية عن المعارض وما يصلح لمعارضتها ليس إلا الرواية الأولى وقد عرفت امكان الجمع بينهما بنحو من المسامحة التي يساعد عليها العرف ويشهد له اعتبار مسمى الغسل في تطهير المحل كما يدل عليه نفس هذه الرواية فضلا عن الأدلة الخارجية * (نعم) * لو قلنا بان المتبادر من رواية المثلين إرادة الغسلين لتحققت المعارضة بين الروايتين ولكنه ممنوع جدا لو لم ندع ظهورها في إرادة غسلة واحدة بقرينة ما هو المغروس في الأذهان من اشتراط قاهرية الماء وأكثرية من القذر التي لا تتحقق الا بايصال المثلين دفعة والانصاف انه لولا تصريح الإمام (ع) بكفاية المثلين لاشكل علينا الاذعان ببقاء الاسم الماء بعد امتزاجه بنصفه من البول حتى يؤثر جريه في تطهير المحل وعلى تقدير تسليم ظهورها في إرادة الغسلتين فلا يكافي هذا الظهور ظهور الرواية الأولى في كفاية الغسلة * (والعجب) * ممن التزم بكفاية المثلين واعتبر الغسلتين وأنكر اشتراط أكثرية الماء في التطهير بعد فرض حصول الجريان الذي يتوقف عليه صدق الغسل * (وفيه) * ان المعتبر في التطهير انما هو الغسل بالماء فلو لم يكن لنا دليل على اشتراط غلبة المطهر لكفانا اعتبار كون الغسل بالماء في اثباتها ضرورة ان اطلاق الماء على الماء الممتزج بما يساويه من البول ليس أولى من صدق البول عليه مع أنه لا شبهة في أن حصول التطهير يتوقف على بقاء الماء على صفة الاطلاق إلى أن يتحقق الغسل فإن كان ولا بد من القول باعتبار التعدد فلا بد من أن يلتزم بإرادة المثل المسامحي في هذه الرواية أيضا حتى يمكن حصول الغسلتين بالماء المطلق بالمثلين أو يلتزم باهمال الرواية وكونها مسوقة لبيان ما يجزى في كل غسلة لا لبيان ما يجزى من البول على الاطلاق وكلاهما خلاف الظاهر خصوصا الأخير منهما فالأقوى كفاية الغسلة الواحدة بالنظر إلى ظاهر هذه الرواية فضلا عما يقتضيه الجمع بين الروايتين * (ويدل) * عليه أيضا موثقة يونس بن يعقوب قلت لأبي عبد الله (ع) الوضوء الذي افترضه الله على العباد لمن جاء من الغائط أو بال قال يغسل ذكره ويذهب الغائط ثم يتوضأ مرتين مرتين وظاهرها بقرينة السؤال كونها مسوقة لبيان تمام ما هو الواجب عليه فترك التعرض دليل على عدم اعتبار التعدد في الغسل خصوصا مع تصريحه (ع) بالتكرار في الوضوء مع كونه مستحبا ويدل عليه أيضا حسنة ابن المغيرة قال قلت له هل للاستنجاء حد قال لا حتى ينقى ماثمة بناء على شمولها للاستنجاء بالبول ولكن الانصاف انصرافها عنه خصوصا بقرينة ما بعد حيث قال قلت فإنه ينقى ماثمة ويبقى الريح قال الريح لا ينظر إليها ويؤيده اطلاق صحيحة جميل بن دراج عن أبي عبد الله (ع) قال إذا انقطعت درة البول فصب الماء ولا يعارض هذه الأدلة ما في صحيحة البزنطي قال سئلته عن البول يصيب الجسد قال صب عليه الماء مرتين فان ظاهرها
(٨٦)